الأربعاء، 29 يناير 2014

نظرية دورة الاهتمام بالقضايا

                      نظرية دورة الاهتمام بالقضايا:
     مقدمة:
شهدت الأطر النظرية والدراسات الإعلامية المعنية بدراسة الاهتمامات خلال عقد السبعينات من القرن العشرين تطورا وازدهارا، فقد تمكن كل من Show و McCombs سنة 1972 من صياغة افتراضات نظرية وضع الأجندة على نحو دقيق ومحكم علميا، وفي العام نفسه جاءت صياغة Anthony Downs لنظرية دورة الاهتمام بالقضايا ثم كانت نظرية التأطير التي استطاع Goffman عام 1974 اقتراحها وتقديمها كإطار نظري محكم والتي يرى باحثو وضع الأجندة أنها ليست أكثر من المستوى الثاني لوضع الأجندة، ورغم أن هذه النظريات الثلاث يجمعها قاسم مشترك يتمثل في دراسة الاهتمامات، لكن تظل نظرية دورة الاهتمام بالقضايا تتميز بأنها إضافة نوعية لهاتين النظريتين وهو ما عبرت عنه مناقشات Zhu و McCombs ( أحد رواد نظرية وضع الأجندة) بتأكيدها "أن الاهتمام العام بالقضايا المختلفة يتغير يوما بعد يوم، فأحيانا يكون مستقرا أو هادئا وأحيانا يرتفع بطريقة درامية، ويؤدي التنافس بين القضايا المتنوعة إلى اختلاف موقعها من حين لآخر ضمن الأجندة العامة سواء لوسائل الإعلام أو للجمهور ما بين ارتفاع الاهتمام بها أو انخفاضه أو تجدده"، وهو ما يوضح أن هناك جوانب في دراسة الاهتمامات لم تتطرق إليها نظرية وضع الأجندة.
         وبالرغم من ذلك لم تكن التطبيقات البحثية لنظرية دورة الاهتمام في مثل تراكمية تطبيقات نظرية وضع الأجندة وهو ما ترتب عليه بشكل كبير وجود اختلاف بين الباحثين في التصنيف العلمي لنظرية دورة الاهتمام بالقضايا، فبعضهم يراها مجرد نموذج كباقي النماذج الإعلامية بينما يراها آخرون نظرية علمية كغيرها من النظريات.

v مفهوم دورة الاهتمام بالقضايا:
قدم Anthony Downs صياغة لمفهوم "دورة الاهتمام بالقضايا عام 1972 والذي اختبره إمبريقيا بالتطبيق على قضايا البيئة في دراسته التي نشرت بدورية the public Interest  من العام نفسه، وبذلك  وجه Downs الأنظار لدراسة الطبيعة الدورية للاهتمام العام بالقضايا، واقترح تقسيم دورة الاهتمام إعلاميا وجماهيريا إلى خمس مراحل هي مرحلة ما قبل القضية، مرحلة الاكتشاف التحذيري والحماس النشط اتجاه وقوع هذه القضية، مرحلة استيعاب تكاليف إحراز تقدم ملحوظ بشأنها، مرحلة الهبوط التدريجي، مرحلة ما بعد القضية ولاشك أن هذه الافتراضات تتجاوز من الناحية العلمية الواقعية مجرد التعريف على وجود الاهتمام إعلاميا وجماهيريا بالقضية وترتيبها ضمن أجندة القضايا وهو محور افتراضات نظرية وضع الأجندة.
 ويلخص كل من Gordon and Henry افتراضات Anthony Downs الخاصة بالمراحل الخمس التي تتكون منها هذه الدورة والتي "تبدأ أولها بوجود انخفاض في الاهتمام بالقضايا خلال مرحلة ما قبل وقوعها ويستمر هذا الوضع حتى تقع أهم أحداث هذه القضايا بصورة درامية فيحدث ارتفاع في هذه الاهتمام، وهنا يجب التنبه إلى أن تتابع المرحلتين الثانية والثالثة بهذه الدورة يرتبط بوجود اعتبارات مؤثرة ضمن أولويات اهتمام الجمهور العام، ومع اقتراح حلول هدفها مواجهة أثار هذه القضايا يبدأ التناقص في الاهتمام (المرحلة الرابعة)، ثم تتلاشى أحداث القضية ليتراجع الاهتمام بها إلى المستوى الذي كان موجودا خلال مرحلة ما قبل وقوعها".
اما افتراضات نظرية "دورة الاهتمام بالقضايا" كما صاغها Downs بنفسه  فهي كالتالي:
     يرى Downs أن جوهر دورة الاهتمام بالقضية يكمن في طبيعة المشكلات الداخلية وأسلوب وطريقة التفاعل بين أنماط الاتصال الجماهيري عبر وسائل الإعلام وبين الجمهور، وتتكون هذه الدورة من خمس مراحل تستغرق مدى زمني معين يعتمد على طبيعة وخصوصية القضية التي تتناولها وسائل الإعلام، ويحدث التتابع الزمني لهذه المراحل كالتالي:
  1.  مرحلة ما قبل القضية (المشكلة): وتبدأ عندما توجد بعض الظروف الاجتماعية غير المرغوبة التي لم تستحوذ بعد على الاهتمام العام بصورة كبيرة برغم تخوف بعض الخبراء وجماعات المصالح من وجود هذه الظروف المرتبطة بتلك القضية، وعادة فإن اعتبار القضية أو المشكلة ما تزال بعيدة عن دائرة اهتمام الجمهور العام تتغير بمرور الوقت فيصبح هذا الجمهور مهتما بها، "فالقضية أو المشكلة تكون موجودة لكنها لم تستحوذ بصورة كبيرة على اهتمام الجمهور"، "وهنا ينحصر دور وسائل الاتصال في توجيه نظر الجماهير إلى مثل هذه الأحداث".
2.  الاكتشاف المفزع للقضية وتعظيم التحمس لمواجهتها: وكنتيجة لحدوث سلسلة من الأحداث بصورة درامية، أو لأسباب أخرى يصبح الجمهور العام بصورة مفاجئة لديه توجس ووعي بالعواقب الوخيمة لقضية أو مشكلة ما، وهذا الاكتشاف المفزع يصاحبه حماس متعاظم حول قدرة المجتمع لحل هذه القضية والقيام بشيء فعال ومؤثر خلال فترة زمنية وجيزة، وهذه المرحلة هي "ما يسمى بالمدخل التي يحدث خلالها ارتفاع مفاجئ في منحنى الاهتمام والانتقال من مرحلة ما قبل القضية أو المشكلة لمرحلة وقوع القضية أو المشكلة" فنتيجة تكرار الحوادث تصبح الجماهير على علم بخطورتها ويصاحب هذه المعرفة إدراك لخطورة المشكلة وتحمس كبير للمواجهة وتساهم وسائل الإعلام في هذه المرحلة بدور كبير.
3.  مرحلة إدراك تكلفة حل القضية أو المشكلة وإحراز تقدم فعال بشأنها: يوجد خلال هذه المرحلة الثالثة انتشار تدريجي لإدراك أن تكلفة حل القضية (المشكلة) تعد أمرا صعبا، فهو بالإضافة إلى كونه يتطلب نفقات مالية باهظة فإنه يجب أيضا بذل المزيد من التضحيات من جانب الجماعات ذات المكانة والنفوذ بين الجماهير، وبناء على ذلك يبدأ الناس في إدراك أن جزءا كبيرا من المشكلة أو القضية إنما هو النتيجة لاتخاذ بعض التدابير الهادفة إلى تحقيق فوائد على مستوى أشخاص بعينهم أو الملايين منهم، وفي حالات مؤكدة من الممكن أن يسهم التقدم التكنولوجي في القضاء على بعض النتائج غير المرغوبة للقضية دون أن يتسبب ذلك في حدوث تغيير كبير ببنية المجتمع أو الفوائد الحالية التي يتمتع بها آخرون، ويطلق بعض الباحثين مثل Neuman على هذه المرحلة تسمية" الاستقرار النسبي" التي " عندما ينتشر خلالها تدريجيا إدراك صعوبة حل القضية وهو ما يعتبر جوهر القضية فيحدث فتور في الحماس لمواجهتها والتصدي لها.
  4. التناقض التدريجي في كثافة الاهتمام العام: ونلاحظ في هذه المرحلة أن الاهتمام بالقضية الذي حظيت به في المرحلة السابقة يبدأ في الانحسار، فتتضاءل كثافة اهتمام الجمهور بالقضية؛ لأن المزيد والكثير من أفراد هذا الجمهور يدركون صعوبتها والتكلفة الكبيرة لهم فيما يتعلق بمواجهتها وتتراوح ردود أفعالهم حيالها بين ثلاثة أنماط: فبعضهم يشعرون بعدم الشجاعة اللازمة، وآخرون يشعرون بالتهديد والخطورة إن فكروا فيها، بينما يرى الآخرون أنهم يشعرون بالندم والضجر والملل ومعظم الناس يشعرون بمزيج من هذه المشاعر، ويترتب على ذلك تراجع اهتمام هؤلاء الأفراد بالقضية وبمرور الوقت تدخل قضايا أخرى المرحلة الثانية ضمن مراحل دورة الاهتمام بها. وفي هذه المرحلة يصبح الجمهور العام في حالة قلق وملل ولا مبالاة وربما يصيبه اليأس والإحباط وهو ما يؤدي إلى تناقص اهتمامه بالقضية.
   5. مرحلة ما بعد القضية: وتمثل المرحلة الأخيرة في دورة اهتمام الأفراد بالقضية التي تخرج من بؤرة الاهتمام العام لتحل محلها قضية أخرى، وكنتيجة لهذا يصل معدل الاهتمام لأدنى مستوياته ويكاد يتلاشى أو يظهر بصورة متقطعة، وتعد هذه المرحلة مختلفة مع ما كانت عليه القضية بالمرحلة الأولى من هذه الدورة، وبالطبع ليست معظم القضايا تتمتع بسمة البروز والشهرة على المستوى العام، فبعضها ربما ينال قدرا من الاهتمام على فترات زمنية متقطعة، وبعضها قد يعاود الجمهور الاهتمام بها مرة أخرى، وبعضها قد يحظى بمثل هذا الاهتمام بسبب ارتباطه بقضايا ومشكلات أخرى أصبحت في دائرة الاهتمام الإعلامي.
"وتصل القضية في هذه المرحلة إلى حالة مزمنة من الإهمال وعدم الاهتمام لأن الظروف الموضوعية الراهنة والسائدة لم تتغير فعليا، وينتظر الجمهور العام وقوع قضية جديدة أو وجود أمل جديد لحدوث تقدم بشأن القضية السابقة ليهتم بها مرة أخرى"
"ويمكن القول أن افتراضات Downs أثبتت جديتها من الناحيتين الواقعية والأكاديمية لاسيما أن نماذج التغطية الإعلامية لعدد كبير من القضايا البيئية سلكت سلوكا سبق لهذا الباحث توقعه".
v   نشأة النظرية ومراحل تطورها:
شهدت السنوات الأولى من عقد السبعينيات بالقرن العشرين توجه الباحثين نحو المزيد من الدراسات الإعلامية التي مثلت إطارا تطبيقيا لاختبار افتراضات بعض الأطر النظرية الإعلامية التي لم تكن لها صياغات علمية مقننة ومحددة من قبل، وبحلول عام 1972 تمكن كل من Show و McCombs من صياغة افتراضات نظرية وضع الأجندة واختبارها إمبريقيا، ويبدو أن السؤال الذي ظل يطارد الاهتمام الذي توليه وسائل الإعلام خاصة الصحف للقضايا المختلفة ورد فعل الجمهور تجاه ذلك، فأصبح هذا السؤال الذي لابد من البحث عن إجابة علمية له: هل اهتمام وسائل الإعلام بمحتوى معين يؤدي إلى إثارة اهتمامات الجمهور بهذا المحتوى؟
ويتضح من رصد جهود الباحثين المعنيين بدراسات وضع الأجندة، ودورة الاهتمام بالقضايا، و التأطير أن النصف الأول من عقد السبعينيات بالقرن العشرين حمل بين طياته ثلاثة إجابات علمية لهذا التساؤل من خلال ظهور هذه الأطر النظرية الثلاثة في عامي 1972(نظرية الأجندة ودورة الاهتمام بالقضايا) و1974 ( التأطير)، فأصبحت هذه الفترة الزمنية تمثل بزوغ دراسات الاهتمامات على مستوى وسائل الإعلام والجمهور معا وذلك بعدما أدرك الباحثون أن "وسائل الإعلام من خلال اهتمامها ببعض القضايا وإهمالها قضايا أخرى وإنما تؤثر بذلك في الرأي العام"(1)، ويبدوا أيضا أن هذه البرهنة العلمية على وجود هذه العلاقة لم تكن نهاية المطاف لدراسات الاهتمامات وهو ما كان حافزا لبعض الباحثين كي يتعمقوا أكثر في فهم هذه الاهتمامات ودراستها بطريقة رأسية، فقد ركزوا على التفكير في طريقة تناول وسائل الإعلام لقضية ما –وليس أكثر من قضية كما بدأت دراسات وضع الأجندة- وتأثير ذلك في اهتمامات الجمهور بها من ناحيتين هما: مراحل هذا الاهتمام، وزواياه(نظرية التأطير).
ولذلك يمكن القول أن نشأة نظرية "دورة الاهتمام بالقضايا" تمثل خطوة علمية أكثر تعمقا في ميدان الدراسات المعنية بالاهتمامات، فقد تمكن Downs عام 1972 من تقديم مفهومه لدورة الاهتمام بقضية ما وصياغة افتراضات هذه النظرية واختبارها وثبوت صحتها، ويؤكد Downs أن نشأة هذه النظرية انطلقت من ملاحظته ورصده لواقع الممارسة والجمهور في المجتمع الأمريكي فهو يرى أن " الاهتمام العام نادرا ما يظل مركزا على أي قضية داخلية لمدة طويلة حتى ولو كانت قضية مزمنة أو ذات أهمية كبيرة للمجتمع... فكل قضية تأخذ مكانتها في دائرة الشهرة ربما بشكل مفاجئ وتظل على حالها هذا لفترة قصيرة خاصة إن لم يتم التوصل لحلول بشأنها بحيث تفقد مكانتها تدريجيا من بؤرة ومركز الاهتمام العام"، لأنه يوما بعد يوم يتغير اهتمام الجمهور بالقضايا.
وأسفرت نتائج دراسة Downs عن تأكيد أن الاهتمام العام بجودة البيئة حاليا في منتصف الطريق بدورة الاهتمام بالقضايا، فقد أصبح عدد  الناس الذين يدركون ضخامة التكلفة الاجتماعية والمالية لتنقية الهواء والماء والمحافظة على نقاء المناطق الشاسعة المفتوحة في تزايد تدريجي، وعقب ذلك حدث نوع من الفتور في الحماس الخاص بإجراء تحسينات عاجلة وحاسمة في البيئة ورغم ذلك هناك قدر كبير من اهتمام الناس بالقضايا نفسها، وهو ما يؤكد عدم الوصول لمرحلة "ما بعد القضية أو المشكلة"، ويتحدد السبب الأكثر وضوحا لحدوث هذا الارتفاع المبدئي في الاهتمام بقضايا البيئة في الانهيار الحالي للظروف البيئية وهو ما سهل إدراكه ولا شك أن التصدي لذلك ليس سهلا، وأما السبب الثاني فهو تطلعات الناس لوجود ظروف بيئية معيارية.
لقد مر الاهتمام بالبيئة وقضاياها بمرحلتين أوليتين من دورة الاهتمام بها وقد أوشك على تخطي المرحلة الثالثة، حيث بدأ الاهتمام الفعلي في الدخول نحو المرحلة الرابعة من هذه الدورة، وقد لوحظ وجود علاقة دالة بين تغطية هذه المراحل بوسائل الإعلام الأمريكية وبين اهتمامات الجمهور بها.
ويمكن القول أن نشأة نظرية دورة الاهتمام بالقضايا تدعم بقوة افتراضات نظرية الأجندة وهو ما يوضحه كل من Mazza and Sunder، Watt بتأكيدهم "وجود معيار آخر يتوافر في عدد من القضايا يمكن أن تساعد في التنبؤ بقوة تأثير وضع الأجندة وهو جدتها أو جدارتها الإعلامية أو ما يمكن تسميته بموقعها داخل دورة الاهتمام وسائل الإعلام بالقضايا المختلفة، وقد لاحظ Downs (1972) أن اهتمام الجمهور بالأزمات يمكن رصده من خلال هذه الدورة التي تتضمن ارتفاع الاهتمام العام Public Interest بالقضايا ثم انخفاضه، ويمكن القول أيضا أن نشأة النظرية نفسها أسهمت سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في نشأة نظرية التأطير التي ينظر إليها بعض باحثي وضع الأجندة باعتبارها المستوى الثاني لوضع الأجندة، ويرى الباحث أن الإسهام كان من زاويتين: أولهما من خلال التعمق وعدم الاقتصار على مجرد رصد موقع القضايا المختلفة ضمن أجندتي الوسيلة الإعلامية والجمهور، وثانيهما: رأسيا بدراسة الاهتمام بقضية ما أو عدد قليل من القضايا مقارنة بمعظم إسهامات باحثي وضع الأجندة الذين حرصوا على دراسة عدد كبير من تلك القضايا.
وكان لنشأة نظرية دورة الاهتمام بالقضايا تأثيرها في تطور دراسات وضع الأجندة من ثلاث نواح: أولها: أحد أهم الأفكار التي تطرحها نظرية دورة الاهتمام تتمثل في أنه أثناء تتابع مراحل الاهتمام بقضية ما تدخل قضية أخرى في بؤرة الاهتمام الإعلامي لتحل محل سابقتها من خلال خمسة مراحل، وهذه الفكرة كانت الأساس الفكري لظهور نظرية المجموع الصفري لوضع الأجندة Theory of Agenda Setting Zero Sum التي تفترض أن " عملية وضع الأجندة ليست إلا مباراة صفرية يؤدي ظهور قضية جديدة إلى اختفاء قضية قديمة نتيجة الطاقة المحدودة والتي لا تتسع لعدد لا نهائي من القضايا"، وتتعلق الناحيتين الثانية والثالثة بإجراء دراسات لوضع أجندة قضية واحدة أو قليل جدا من القضايا إما خلال فترة زمنية ممتدة أو خلال فترات زمنية متقطعة مختلفة لوقوعها وهو ما يعرف بأسلوب السلاسل الزمنية مثل دراسة Newman، ثم بدأ باحثو وضع الأجندة في التسليم بنظرية دورة الاهتمام بالقضايا واعتمدوا عليها في تفسيراتهم لنتائج تطبيقاتهم .
و نثير هنا تساؤلا مهما حول المقارنة بين انتشار وتراكمية التطبيقات البحثية لنظريتي دورة الاهتمام بالقضايا ووضع الأجندة وهما ما كان في صالح الأخيرة رغم أنه تمت صياغتهما ونشأتهما معا عام 1972، وهذا التساؤل هو ما أسباب شهرة وانتشار نظرية وضع الأجندة مقارنة بمثيلتها دورة الاهتمام بالقضايا؟، وهو ما يمكن الإجابة عنه وتلخيصه في الأسباب الآتية:
 1. لم يكرر Downs اختباره لافتراضات النظرية مرة أخرى في مجالات ومع قضايا أخرى مثلما فعل كل من Shaw and McCombs فيما يتعلق بنظرية وضع الأجندة
 2.  أثارت نظرية دورة الاهتمام بالقضايا عددا من الصعوبات مثل المدى الزمني الطويل لتتبع دورة الاهتمام الإعلامي بقضايا معينة، ومعايير تحديد المراحل المختلفة لهذه الدورة وغيرها من الصعوبات التي دفعت الباحثين للاهتمام الكبير بنظرية وضع الأجندة.
3.  المعايير الثلاثة التي وضعها Downs للقضايا التي من المحتمل أن تمر بدورة الاهتمام بها والتي ربما رآها الباحثون كالقيود والمعوقات مما جعلهم يقبلون على نظرية وضع الأجندة.
ونلخص مما سبق "أن ظروف نشأة نظرية "دورة الاهتمام بالقضايا" ارتبطت بتوجه الباحثين خلال عقد السبعينيات من القرن العشرين لدراسة العلاقة بين اهتمامات وسائل الإعلام بقضايا معينة وبين المردود التأثيري لذلك في اهتمامات جمهور هذه الوسائل، كما ارتبطت بظروف نشأة نظرية وضع الأجندة التي تم صياغتها واختبار افتراضاتها إمبريقيا في العام نفسه (1972)" ، وتعد هذه هي المرحلة الأولى في تطور نظرية "دورة الاهتمام بالقضايا" والتي قام خلالها Downs بصياغة المفهوم والافتراضات الخاصة بها واختبارها إمبريقيا أيضا من خلال التطبيق على قضايا البيئة.
ونتناول باقي التطورات التي شهدتها نظرية "دورة الاهتمام بالقضايا" من خلال الدراسات الأكاديمية المختلفة التي استندت إليها كإطار نظري لها يفسر نتائجها وذلك على النحو التالي:
- مرحلة تركيز الدراسات على رصد دورة الاهتمام بقضايا البيئة: نالت هذه القضايا النصيب الأكبر بين غيرها من القضايا في التطبيقات البحثية المختلفة لهذه النظرية، ويرى الباحث أن هذا الاتجاه بين الباحثين ودراساتهم المختلفة يمكن تفسيره من ناحيتين: أولهما تتعلق بجودة التطبيق البحثي الذي قدمه Downs للنظرية من خلال قضايا البيئة باعتبارها قضية حيوية لدى المجتمعات الغربية وأنها تقفز ما بين فترة زمنية وأخرى لبؤرة الاهتمام العالمي والمؤسساتي والإعلامي والجماهيري باعتبارها قضية ممتدة زمنيا.
ويمكن تقسيم هذه الدراسات التي اختبرت افتراضات نظرية دورة الاهتمام بقضية البيئة إلى نوعين هما: دراسات إعلامية والتي أوضحت نتائجها صحة افتراضات النظرية برصد العلاقة بين مراحل دورة الاهتمام الإعلامي بقضية البيئة وبين مثيلتها لدى الجمهور، ودراسات غير إعلامية وكانت عن الاتجاهات البيئة الدولية.
- مرحلة اختبار افتراضات النظرية بالتطبيق على قضايا أخرى: وقد أدت الاختبارات الإمبريقية إلى المزيد من الانتشار للنظرية وتطوير الأدوات والأساليب البحثية التي اعتمدت عليها أطرها المنهجية والإجرائية، وقد شهدت هذه التطبيقات تنوعا ثريا في الدراسات فمنها قضايا سياسية، قضايا التعليم، المخدرات، وعن الاحتجاجات والمظاهرات...
- مرحلة تأثير دورة الاهتمام بالقضايا في النماذج النظرية لدراسات وضع الأجندة والإقناع: بالرغم من الانتشار المحدود لنظرية دورة الاهتمام بالقضايا مقارنة بنظرية وضع الأجندة في الدراسات الإعلامية إلا أنها أفرزت تأثيرات مهمة أسهمت في تطوير البنى النظرية لوضع الأجندة من خلال الاستعانة بافتراضات نظرية دورة الاهتمام بالقضايا في تصميم وتفسير أطرها النظرية والمنهجية والتطبيقية، حيث ابتكر باحثو وضع الأجندة نماذج نظرية أسهمت في تطوير نظرية وضع الأجندة ودراساتها بحيث تقترب أكثر من نظرية دورة الاهتمام بالقضايا مثل: نموذج الانخفاض التراكمي لتأثيرات التغطية الإعلامية للقضايا، نظرية المجموع الصفري، استراتيجية رصد وقياس عملية وضع الأجندة.
كما اعتمدت دراسات الإقناع على الاستفادة من فكرة المراحل الخمسة التي تتكون منها دورة الاهتمام بالقضايا في بناء نموذج متتابع زمنيا لكيفية تطور وتعبئة واستمرارية الحركات الإقناعية داخل المجتمع ومؤسساتها المختلفة وهي كالتالي: المرحلة الأولى( مرحلة النشأة)، مرحلة الاضطراب الاجتماعي، مرحلة حشد الحماس، مرحلة الحفاظ على الحركة واستمراريتها، مرحلة النهاية.
v  معايير القضايا التي تمر بدورة الاهتمام بالقضايا:
لا تمر كل القضايا والمشكلات بهذه المراحل الخمس ضمن الاهتمام بها لأنه من البديهي أن هذه الدورة تتطلب وجود قدر من التغطية الإعلامية لها بما يثير اهتمامات جمهور وسائل الإعلام وهو ما يعني أن هناك بعض القضايا لا تمر بهذه الدورة؛ لأنها قد تشغل حيزا من اهتمام وسائل الإعلام بها أو لأنها تفتقد للمعايير التي حددها Downs كي تمر القضايا بهذه الدورة، والتي توصل إليها من خلال الإجابة على السؤال: ما معايير المشكلات التي من المحتمل أن تمر بهذه الدورة من الاهتمام؟
لكي تمر هذه القضايا بمراحل دورة الاهتمام يجب أن تتوفر على المعايير الثلاثة التالية:
1-   ألا يعاني من أثارها غالبية الأفراد في المجتمع أو بمعنى أخر أن يعاني منها أقلية أو بعض الأقليات والأقلية هنا تعني أقلية في العدد وليس بالضرورة الأقلية العرقية.
2-   أن تكون سبب معاناتهم من آثار هذه القضايا والمشكلات اتخاذ بعض التدابير والترتيبات الاجتماعية التي تمثل فوائد للأغلبية
3-   أن تتصف القضية أو المشكلة بالإثارة وألا تستغرق وقتا طويلا في تناولها وتغطيتها إعلاميا دون جديد، فقد تركز اهتمام الجمهور بصورة طبيعية على أسباب ونتائج هذه الاضطرابات وعندما تتوقف فقد يتحول الاهتمام بالقضايا والمشكلات المرتبطة بالقضية إلى التناقص بصورة حادة.
إلا أن هناك باحثون يرون أن ضرورة توافر المعايير الثلاثة كشروط لكي تمر القضايا بدورة الاهتمام بها تعد أمرا محل شك لعدة أسباب منها:
·   "يعترف Downs نفسه أنه حتى مع توافر هذه المعايير فإن هناك احتمال أن تمر هذه القضايا بالدورة أو لا تمر.
·  إذا سلمنا بحتمية توافر هذه المعايير فإنها لو انطبقت على المجتمع الأمريكي وبيئته الإعلامية والثقافية فربما لن تنطبق على باقي المجتمعات الأخرى، وهذا يعني أن خصوصية كل مجتمع ربما تفق حائلا في وجه هذه المعايير الثلاثة.
· لم توضح التطبيقات البحثية للنظرية مدى انطباق وتحقق هذه المعايير من عدمها عند الاختبار الإمبريقي لها.
· تقف طبيعة وخصوصية كل قضية واختلافها عن غيرها من القضايا حائلا أيضا أمام تعميم مثل هذه المعايير.
· كما يرى الباحثون أن نظرة Downs للمعيارين الأول والثاني لا تخرج عن كونها تتصف بالتعسف، لأن المشكلة أو القضية التي تمس أقلية عددية مقارنة بإجمالي سكان المجتمع ربما تأثرت بها الأغلبية سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة تماما كهذه الأقلية العددية، وفيما يتعلق بالمعيار الثاني فإنه لا يأخذ في اعتباره تعقد وتشابك الظواهر والقضايا في الدراسات الإنسانية التي يصعب فيها القول بأن السبب الوحيد لمعاناة هؤلاء المواطنين من وقوع هذه القضية أو المشكلة اتخاذ مثل هذه التدابير والترتيبات الاجتماعية."
v التطبيقات البحثية للنظرية:
"يتضح من استعراض الأدبيات السابقة لنظرية دورة الاهتمام بالقضايا تأكيدها على أنها بينية في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومن خلال القيام بعمل مسح لهذه الدراسات يتضح أن أغلبيتها في المجال الإعلامي بينما بعضها الأخر أجريت في مجالات غير إعلامية وهذا يثبت صفتين إيجابيتين لهذه النظرية هما مرونتها الكبيرة والأخرى هي قدرتها على التطور"ـ والتطبيقات هي كالتالي:
أولا: التطبيقات البحثية الإعلامية لنظرية دورة الاهتمام بالقضايا:  ومن بين هذه الدراسات نجد؛ دراسة Newman التي تقدم تحليلا لتغطية وسائل الإعلام باستخدام السلاسل الزمنية واهتمامها بعشرة قضايا، أما الدراسة الأخرى فهي لWatt, Mazza and Snyder  وقد اختبرت افتراضات نموذج "الانخفاض التراكمي لتأثيرات التغطية الإعلامية للقضايا"، دراسة Gonzenbach تهدف إلى اختبار افتراضات نظرية دورة الاهتمام بالقضايا، دراسة McCarthy, McPhil and Smith التي ترصد مراحل دورة اهتمام جريدتين وثلاث شبكات تلفزيونية أمريكية، دراسة Kitizinger and Reilly ترصد دوائر الاهتمام بثلاث قضايا الجينات البشرية، مرض الزهايمر و مرض جنون البقر، دراسة McCombs and Shanahan التي رصدت العلاقة بين العوامل السردية ودورة الاهتمام بالقضايا البيئية، دراسة Henry and Gordon  وهي مسح لاستطلاعات الرأي رصدت مراحل الاهتمام بالقضايا الخارجية، دراسة Schindlmayr ترصد مراحل دورة اهتمام وسائل الإعلام بقضية المساعدات السكانية التي تمنحها الدول المتقدمة.
ثانيا: التطبيقات البحثية غير الإعلامية لنظرية دورة الاهتمام بالقضايا: أجريت العديد من الدراسات في المجالات غير المجال الإعلامي والتي اختبرت افتراضات نظرية دورة الاهتمام بالقضايا كإطار نظري لها، وهو ما يبرهن على صلاحيتها كنظرية مشتركة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، و تكمن أهمية الاستعراض المجمل لهذه الدراسات في تطوير النظرية ذاتها بارتياد تطبيقاتها البحثية مجلات وقضايا متعددة ومتنوعة، من بين هذه الدراسات نجد: دراسة Peter & Hogwood التي طبقها في المجال السياسي، دراسة Cohen & Ball التي رصد فيها من خلال النظرية التطوير العملي العلمي وطرق التدريس، دراسةCatterall  التي تناولت مراحل النظرية في قضية المتسربين من التدريس بالمجتمع الأمريكي ودراسة Franzen and Meyer التي حددت مراحل النظرية بالتغيير الذي طرأ على اتجاهات البيئة على المستوى الدولي.
v علاقة النظرية بغيرها من النظريات الإعلامية:
نتناول هنا علاقة " دورة الاهتمام بالقضايا " بنظريتين إعلاميتين هما نظرية وضع الأجندة ونظرية التأطير؛ نظرا لوجود تطبيقات بحثية تجسد هذه العلاقة؛ كما انه على المستوى النظري توجد الكثير من نقاط التماس بينهم؛ فمثلا تشترك نظريات" دورة الاهتمام بالقضايا " و" وضع الأجندة " و "التأطير " في فكرة بروز القضايا التي أكد عليها McCombs أحد رواد باحثي دراسات الأجندة مع Chyi عند تعليقهما على نظرية دورة الاهتمام بالقضايا وتأكيدهما أن Downs في صياغته لدورة الاهتمام بالقضايا قام بمحاولة مبكرة للتأصيل النظري لبروز القضايا بوسائل الإعلام.
أولا: علاقة نظرية دورة الاهتمام بالقضايا بنظرية الأجندة: توجد العديد من المجالات المشتركة بين هاتين النظريتين كما يلي:
·  تمثل الاهتمامات مجال التأثير المشترك الذي تتناوله التطبيقات البحثية لهما؛ ذلك أن لوسائل الإعلام تأثيرا كبيرا في تركيز انتباه الجمهور نحو الاهتمام بموضوعات ما أو أحداث وقضايا بعينها.
· "فكرة بروز القضايا – التي سبق الإشارة لها – وهذا البروز يكون على المستوى التحليلي في النص الصحفي أو على المستوى الميداني لدى الجمهور كنتيجة لتعرضه لهذا النص.
· أفرزت التطبيقات البحثية التي مزجت بين نظريتي دورة الاهتمام بالقضايا ووضع الأجندة – كإطار نظري لها – العديد من النماذج العلمية التي يمكن الاعتماد عليها في تفسير نتائجها وتطويرهما فيما بعد؛ وذلك من خلال:
أ‌- "نظرية المجموع الصفري Zero – sum Theory: التي تفترض وجود عدد كبير من القضايا مع عدم قدرة الجمهور على الاهتمام بها جميعا بدرجة واحدة؛ وبالتالي تتنافس هذه القضايا حتى تثار قضية جديدة فتحل محل ما قبلها من القضايا وربما لا يصل للجمهور أيا منها فتصبح المحصلة صفر، وقد اختبرZhu هذه النظرية بتحليل التغطية الإخبارية لجريدة The new York times  وثلاث قنوات تلفزيونية أمريكية ABC ؛CBC؛ NBN لثلاثة قضايا هي العجز في الميزانية، أزمة حرب الخليج الثانية والركود الاقتصادي في الفترة من أول يونيه 1990 وحتى نهاية ابريل 1991؛ و أثبتت الدراسة صحة افتراضات النظرية لوجود نوع من التفاوت الثنائي والتشتت في الاهتمامات بهذه القضايا الثلاث."
ب‌- – نموذج" الانخفاض التراكمي لتأثيرات التغطية الإعلامية للقضايا الذي قدمه كل من watt .Mazza & Snyder حول ارتفاع وانخفاض الاهتمام بالقضايا والذي ثبت صحته.
· "المدى الزمني للاهتمام بالقضايا المختلفة: يتفق Tedesco مع ما يراه كل من Roberts & McCombs، Dalton وآخرون أن "الاختبار العلمي لعملية وضع الأجندة من خلال رصد الاهتمام بالمراحل المختلفة للحملات الانتخابية ربما يكون كاشفا أكثر للفترات الزمنية البارزة التي يمكن من خلالها معرفة وفهم علاقة التأثير بين كل من المرشحين في الانتخابات ووسائل الإعلام والجمهور؛ ولا شك أن هذا الرأي يوضح قيمة المدى الزمني للاهتمام بالقضايا كمتغير وسيط في تأثيرات وضع الأجندة؛ وفي الوقت نفسه يمثل الأساس العلمي لتتابع مراحل دورة الاهتمام بالقضايا زمنيا؛ وهو ما أكدت عليه دراسة Kensicki  فمن خلال الاعتماد على قياسات الرأي العام وتحليل تغطية الصحف للقضايا البيئية أشارت النتائج إلى أن اهتمامات الجمهور بهذه القضايا تأثرت باهتمامات هذه الصحف بالقضايا نفسها عبر المراحل الزمنية المختلفة للاهتمام بها".
· تشترك بعض دراسات وضع الأجندة مع معظم دراسات نظرية دورة الاهتمام بالقضايا في اعتمادها على إستراتيجية قياس اهتمامات الجمهور بقضية واحدة على فترة أو فترات زمنية ممتدة.
·  يرى  McCombs أن من بين العوامل المؤثرة في أجندة الجمهور ما أشار إليه  Downs بما  يسمى "الاكتشاف المفزع للقضية " والذي يمثل المرحلة الثانية ضمن باقي مراحل دورة الاهتمام بالقضية.
· "تتضح أيضا علاقة النظريتين ببعضهما البعض مما خلصت إليه مناقشات McCombs Zhu&في دراستهما إلى أن الاهتمام العام بالقضايا المختلفة يتغير يوما بعد يوم؛ فأحيانا يكون مستقرا وهادئا وأحيانا يرتفع بطريقة درامية؛ ويؤدي التنافس بين القضايا والأحداث المتنوعة إلى اختلاف موقعها على خريطة اهتمامات وسائل الإعلام والجمهور؛ وبالتالي اختلاف وضعها من حين لآخر ضمن الأجندة العامة سواء لهذه الوسائل أو الجمهور ما بين ارتفاع الاهتمام بها أو تناقصه أو إحياء الاهتمام بها مرة أخرى؛ وقد تعددت دراسات الباحثين وتفسيراتهم للاهتمام بالقضايا ما بين الارتفاع والانخفاض والتي يمكن تصنيفها إلى ثلاثة تصنيفات :إما اهتمام هادئ ومستقر أو بارز ومتميز أو معقول إلى حد ما."
ثانيا :علاقة نظرية الاهتمام بالقضايا "بنظرية "التأطير" : تعد دراسة كل من Kitzinger & Reilly نموذجا جيدا لتجسيد العلاقة بين هاتين النظريتين عندما كشفت نتائجها عن استخدام النماذج الإعلامية  Media Templates في تأطير اهتمام الصحف وقنوات التلفزيون البريطاني بقضيتي مرض جنون البقر ومرض الزهايمر خلال المراحل المختلفة لهذا الاهتمام؛ كما تتضح علاقة نظريتي دورة الاهتمام بالقضايا والتأطير ببعضهما البعض من خلال ما يلي:
1- تعد الاهتمامات مجالا مشتركا بينهما كمردود تأثيري لوسائل الإعلام في الجمهور.
2- فكرة البروز والتي تتمثل في الاهتمام بقضية معينة؛ لكن هذا البروز في دراسات نظرية التأطير يكون لسمات وزوايا يتم التركيز عليها.
3-   تمثل المراحل المختلفة السابقة بدورة الاهتمام بالقضايا نماذج إعلامية (مسبقة) تستخدم في تأطير المراحل اللاحقة بهذه الدورة.
v  تقييم النظرية:
أولا: الجوانب الإيجابية: وهي:
1.  تعد النظرية من أكثر الأطر النظرية الإعلامية تعمقا في دراسة الاهتمامات خاصة عند مقارنتها بنظريتي وضع الأجندة والتأطير المعنيتين بهذا المجال من التأثيرات، لأنها تركز بشكل تفصيلي غير مسبوق على المراحل المختلفة للاهتمامات في شكل دورة.
2. تتيح النظرية للباحثين ثراء علميا إجرائيا في تطبيقاتهم البحثية لها من خلال تصميم وتنفيذ هذه التطبيقات سواء على المستوى التحليلي فقط أو على المستويين التحليلي والميداني معا.
3.  تمثل هذه النظرية إطارا نظريا إعلاميا تكامليا مع نظريتي وضع الأجندة والتأطير حيث يجمعهم قاسم علمي مشترك يتحدد في دراسة الاهتمامات بهدف ابتكار نماذج نظرية بينية ومشتركة وعميقة لدراسة هذه الاهتمامات.
4.   يمكن إجراء تطبيقات للنظرية دون أية قيود زمنية في دراسة مراحل دورة الاهتمام بقضية أو قضايا مختلفة على مستوى الزمني الراهن، أو على المستوى التاريخي خلال فترة أو فترات زمنية سابقة.
5.  تتميز هذه النظرية بأنها واحدة من بين الأطر النظرية العلمية البينية وهو ما تبرهن عليه التطبيقات البحثية لها سواء في المجال الإعلامي أو المجال السياسي، الاجتماعي أو غير ذلك من مجالات الدراسات الإنسانية والاجتماعية.
6. مرونتها وقابلية افتراضاتها للتطوير في معايير القضايا التي تطبق عليها النظرية.
7.  تصلح النظرية للتطبيق في مختلف المجالات الفرعية المختلفة لدراسات الاتصال الجماهيري مثل دراسات التحرير الصحفي ومثل دراسات التوعية الجماهيرية.
8.  استطاعت النظرية تقديم تفسيرين علميين لفكرتين أو لعمليتين لم تستطع نظرية وضع الأجندة تفسيرهما من خلال افتراضاتها البحثية وهما: فكرة تصاعد الاهتمام ووصوله للذروة ثم انخفاضه وتلاشيه، وثانيهما: فكرة الإحلال بين القضايا المختلفة في أجندتي وسائل الإعلام والجمهور.
ثانيا: الجوانب السلبية للنظرية: بالرغم من أوجه التميز والايجابيات التي تحظى بها نظرية "دورة الاهتمام بالقضايا" لكنها لم تسلم من توجيه الانتقادات وهي:
  1.  يوجد قدر كبير من الجدل حول افتراضات Downs وانتقادها بأنها خطية، فقد وجه كل من Hilgartner & Bosk انتقادا بأنها لا تعدو أن تكون طريقة تاريخية طبيعية لتناول القضايا، فضلا عن وجود بعض القضايا والمشكلات الاجتماعية التي تجاهل  التفاعلات بينهما خلال الانتقال من مرحلة للتي تليها في هذه الدورة.
لم يحدد Downs بشكل قاطع هل الفتور في الاهتمام بالقضية خلال المرحلة الرابعة من مراحل دورة الاهتمام بالقضايا يحدث نتيجة دخول قضية أو قضايا أخرى ضمن المرحلة الثانية من المراحل المختلفة لدورة أو دورات الاهتمام بقضايا أخرى جديدة؟
2.  وجود قدر من التناقض بين الباحثين فيما يتعلق بالمستوى الذي يصل إليه الاهتمام بالقضايا خلال المرحلة الخامسة مرحلة ما بعد القضية أو المشكلة من مراحل دورة الاهتمام بها إلى المستوى الذي كانت عليه خلال مرحلة ما قبل تفجر أحداثها ووقوعها، بينما يؤكد آخرون أن هذا التراجع يحدث لكنه يصل إلى مستو أعلى مما كانت عليه القضية خلال المرحلة الأولى لدورة الاهتمام بها، وهو ما أطلق عليه Downs مسمى "نوبات متقطعة للاهتمام".
  3.  مازالت افتراضات النظرية بحاجة إلى المزيد من الإسهامات الفكرية لوضع معايير علمية دقيقة للحدود الفاصلة بين كل مرحلة ومثيلتها أو التي تليها بدورة الاهتمام بالقضايا، وهو الأمر الذي لم تتناوله الأطر الإجرائية للتطبيقات البحثية المختلفة للنظرية، ويرى الباحث أن القصور ربما كان السبب في اختلاف الباحثين حول عدد مسميات المراحل المختلفة لهذه الدورة.
4.  صعوبة تصميم وإجراء تطبيقات بحثية للنظرية تعتمد على رصد وتحليل النتائج المختلفة التي أسفرت عنها استطلاعات الرأي في المجتمعات التي تفرض عليها قدرا من السرية ووجود صعوبات في وصول الباحثين إليها خاصة في الدول النامية مقارنة بأقرانهم في الدول المتقدمة كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الذين لا يجدون صعوبة في ذلك.
  5. لم توضح افتراضات النظرية دور المتغيرات الوسيطة بشكل مستفيض في تعاقب المراحل المختلفة لدورة الاهتمام بالقضايا، وهو الأمر الذي أدرك الباحثون أهمية تناوله بالبحث والدراسة في تطبيقات بحثية أوروبية.
6. لم تقدم افتراضات النظرية وتطبيقاتها البحثية اللاحقة طرقا مقننة كأسس علمية لبناء وتطبيق مقاييس لمراحل دورة الاهتمام بالقضايا، وهو الإجراء الذي قد يضعف معيار الدقة والضبط العلمي للنتائج التي أسفرت عنها هذه التطبيقات البحثية والذي تمثل المقاييس العلمية أسسا قوية له.        المرجع:
http://infocommuni.blogspot.com