نظرية الاستخدامات و الإشباعات
خلال الأربعينات من القرن
العشرين أدى إدراك عواقب الفروق الفردية و
التباين الاجتماعي على السلوك االمرتبط بوسائل الاعلام إلى بداية منظور جديد
للعلاقة بين الجماهير وهذه الوسائل، و كان ذلك تحولا من رؤية الجماهير على أنها
عنصر سلبي غير فعال، إلى رؤيتها على أنها فعالة في انتقاء أفرادها لرسائل و مضمون مفضل من وسائل الإعلام .
و يذهب إدلستاين «Edelstein» و زملاؤه إلى أن تأسيس نموذج "الاستخدامات و الإشباعات
"جاء كرد فعل لمفهوم "قوة وسائل الإعلام الطاغية"، و يضفي هذا
النموذج صفة الإيجابية على جمهور وسائل الإعلام، فمن خلال هذا المنظور لا تعد
الجماهير مجرد مستقبلين سلبيين لرسائل الاتصال، وإنما يختار الأفراد بوعي وسائل
الإعلام التي يرغبون في التعرض إليها، و نوع المضمون الذي يلبي حاجاتهم النفسية و
الاجتماعية من خلال قنوات المعلومات والترفيه المتاحة.
فروض النظرية :
وصلت بحوث الاستخدام و الإشباع
إلى حالة من النضج بعد مراحل من التطور، فقد تبلورت العديد من الافتراضات الأساسية
لهذه النظرية في دراسة الاتصال الجماهيري، و مما لا شك فيه أن ما قدمه
"كاتز" و زملاؤه عام 1974م ، قد
أسهم بشكل أساسي في نضج هذه النظرية ، وبلورة افتراضاتها الأساسية، فقد قدم كل من
"إلياهو كاتز E. Katz"
و"بلومرBlumer"و"جورفيتش Gurvitch"وصفا لمدخل الاستخدامات و
الإشباعات كما يلي:
نموذج "كاتز وزملاؤه"
للاستخدامات و الإشباعات
فـالعلاقة بين الاستخدام
والإشباع يرى فيها "كاتز" أن لدى كل فرد عددا من العوامل الاجتماعية
والنفسية التي تولد حاجات معينة للفرد من خلال خبرة الفرد يبدأ في رسم توقعاته عن
تلبية وسائل الإعلام لهذه الحاجات مقارنة بمصادر أخرى لإشباع هذه الحاجات...فيترتب
على ذلك اتخاذ قراره بالاختيار بين وسائل الإعلام أو المصادر الأخرى، نتيجة للتعرض
يتم إشباع بعض الحاجات بجانب نتائج أخرى كامنة وهو يؤدي مرة أخرى إلى نشوء حاجات
أو توقعات جديدة تبدأ من التفاعل مع العناصر الاجتماعية والنفسية...وهكذا تتم دورة
العلاقة بين نشوء الحاجة وقرار الفرد بالتعرض إلى وسائل الإعلام أملا في إشباعها.
و يعكس هذا النموذج الفروض الأساسية
التي تقوم عليها النظرية والتي يمكن تلخيصها في الاتي:
1- إن جمهور وسائل الإعلام هو جمهور نشط يتسم
بالإيجابية و الفاعلية، استخدامه لهذه الوسائل موجه لتحقيق أهداف معينة خاصة به.
2- إن جمهور وسائل الإعلام قادر على تحديد أهدافه
و حاجاته، و كذلك دوافع تعرضه لوسائل الإعلام، و من ثم فهو قادر على تحديد اختيار
المضمون الذي يلبي حاجاته.
3- يمتلك أعضاء الجمهور المبادرة في تحديد العلاقة بين إشباع
الحاجات و اختيار وسائل معينة يرى أنها تشبع حاجاته.
4- تتنافس وسائل الإعلام مع مصادر أخرى في إشباع حاجات الأفراد
المتعددة و المتنوعة، مثل الاتصال الشخصي أو المؤسسات الأكاديمية أو غيرها من
المؤسسات، فالعلاقة بين الجمهور و وسائل الإعلام تتأثر بعوامل بيئية عديدة، تجعل
الفرد يتجه إلى مصدرها لإشباع حاجاته دون الآخر.
5- الأحكام حول قيمة العلاقة بين حاجات الجمهور و استخدامه لوسيلة
أو محتوى معين يجب أن يحددها الجمهور نفسه لأن الناس قد تستخدم نفس المحتوى بطرق
مختلفة، بالإضافة إلى أن المحتوى يمكن أن يكون له نتائج مختلفة.
و هذه الفروض طرحت عديدا من
التساؤلات حول العوامل التي يتأثر بها الجمهور في إدراك حاجاته و تحديد نشاطه، و
كذلك العوامل البيئية التي تؤثر في نشوء الحاجات و دعمها، و قرار الجمهور
بالاستخدام لإشباع هذه الحاجات.
نقد النظرية:
تطورت الأبحاث الخاصة
بالاستخدامات و الإشباعات خلال السبعينات و ما بعدها، و بعد أن قدمت النظرية
إستراتيجية جديدة لدراسة و تفسير استخدامات الجمهور و إشباعاته ازداد إدراك
الباحثين بعد ذلك بأهمية الاستخدام النشط لجمهور المتلقين، باعتباره عاملا وسيطا
في إحداث الأثر، سواء كان كبيرا أم محدودا
و على الرغم من تطور أساليب البحث و الاستقصاءات المنهجية و الموضوعية في
هذا المجال،إلا أن صورا من النقد وجهت لهذه النظرية و تطبيقاتها و من أمثلتها ما
يلي:
• يشعر بعض النقاد أن نموذج الاستخدامات و
الإشباعات أقل من أن يكون نظرية مستقلة بذاتها، و ما هو إلا صياغة معادة محدودة
لجوانب معينة من نظريات التأثير الانتقائي، و يشيرون إلى حقيقة أن الافتراض
الرئيسي هنا، هو أن احتياجات الأفراد و المكافآت التي يحصلون عليها تؤثر في أنماط
اهتمام الناس بمحتوى الإعلام، و المنافع التي يحققونها باستخدام ما يحصلون عليه من
معلومات، و هذه أساس رواية مبسطة لنظرية الفروق الفردية .
• عدم التحديد الواضح لمفهوم "النشاط activity" الذي يتصف به جمهور
المتلقين في علاقته بالاستخدام والإشباع.
• لعل أقوى الانتقادات الموجهة لنظرية الاستخدامات
و الإشباعات تكمن في الطابع الوظيفي لهذا المدخل، و هو ما يعنى بتكريس الوضع
القائم ومن سلبيات ذلك أن صناع القرار
يمكنهم التذرع بأن التنظيم الحالي لوسائل الإعلام تنظيم وظيفي بالنسبة لأفراد
الجمهور يحقق لهم ما يريدونه، و من ثم لا ضرورة لأي تغيير في هذا التنظيم، كما تخدم
هذه النظرية منتجي المضمون الهابط الذين يدعون أن هذا المضمون ما هو إلا مجرد
الاحتياجات الفعلية لأعضاء الجمهور و من ثم فلا حاجة لتغيير هذا المضمون.
• ترتكز النظرية على أسس وظيفية، تهتم بما تحققه وسائل
الإعلام من وظائف، وذلك من منظور فرد يستخدم الرسائل الإعلامية، في حين أن الرسائل
الإعلامية قد تحقق وظائف لبعض الأفراد، و تحقق اختلالا وظيفيا للبعض الآخر، ولذا
فكل الانتقادات الخاصة بالوظيفية تنطبق على النظرية.
• لا تصلح نظرية الاستخدامات و الإشباعات للتعميم،
لأن الاستخدامات و الإشباعات من وسائل الإعلام تختلف باختلاف الثقافات ، كما تختلف
باختلاف العوامل الديمغرافية.
المراجع:
_ حسن عماد مكاوي،ليلى السيد: الاتصال و نظرياته المعاصرة الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 2006
محمد عبد الحميد: نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1998 _
شكرا
ردحذفايش هو نهج النظرية. كمي او كيفي؟
ردحذف