الأحد، 8 ديسمبر 2013

- نظرية ترتيب الأولويات- (Agenda- Setting Theory)

نظرية ترتيب الأولويات (Agenda- Setting Theory):
     
تهتم بحوث ترتيب الأولويات بدراسة العلاقة التبادلية بين وسائل الإعلام والجماهير التي تتعرض لتلك الوسائل في تحديد أولويات القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهم المجتمع.
      
وتفترض هذه النظرية أن وسائل الإعلام لا تستطيع أن تقدم جميع الموضوعات والقضايا التي تقع في المجتمع، وإنما يختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات التي يتم التركيز عليها بشدة والتحكم في طبيعتها ومحتواها. هذه الموضوعات تثير اهتمام الناس تدريجيا وتجعلهم يدركونها ويفكرون فيها ... وبالتالي تمثل هذه الموضوعات لدى الجماهير أهمية أكبر نسبيا عن الموضوعات التي لا تطرحها وسائل الإعلام.
      تعود الأصول النظرية لدراسات "وضع الأجندة"(ترتيب الاولويات) إلى ما كتبه  "والتر ليبمان" (Lippman) عام 1922 عن: "دور وسائل الإعلام في إيجاد الصلة بين الأحداث التي تقع في العالم الخارجي والصور التي تنشأ في أذهاننا عن هذه الأحداث" في كتابه "الرأي العام" الذي جاء فيه أن " وسائل الإعلام تساعد في بناء الصور الذهنية لدى الجماهير، وفي الكثير من الأحيان تقدم هذه الوسائل – بيئات زائفة – في عقول الجماهير، وتعمل وسائل الإعلام على تكوين الرأي العام من خلال تقديم القضايا التي تهم المجتمع".
وقد تم تجاهل هذه النظرية تماما في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين .
في الستينيات (1963)أعاد "كوهين"(Cohen) إحياء وجهة نظر "ليبمان"، حيث زعم بان وسائل الإعلام "لا تنجح دائما في إبلاغ الجماهير كيف يفكرون (الاتجاهات) ولكنها تنجح دائما في إبلاغهم عما يجب أن يفكروا فيه (المعلومات) ".
 وقد دعم كل من "لانغ" ولانغ" (1966،lang et lang) هذا الرأي من خلال تقرير أشارا فيه الى أن "وسائل الاعلام هي التي توجه الاهتمام نحو قضايا بعينها، فهي التي تطرح الموضوعات وتقترح ما الذي ينبغي أن يفكر فيه الافراد... وما الذي ينبغي أن يعرفوه وما الذي ينبغي أن يشعروا به".
ويرجع الفضل إلى " ماكسويل مكومبس" و"دونالد شاو" (MC Combs et Show) في إجراء أول اختبار امبريقي لنظرية ترتيب الأولويات،  وكان الفرض الرئيسي لدراستهما هو" بالرغم من التأثيرات المحدودة في بعض الأحيان لوسائل الإعلام على نوع أو شدة الاتجاه إلا أنه يفترض أن تقوم وسائل الإعلام بتحديد الأولويات للحملات السياسية، ويكون لتلك الوسائل تأثير على شدة الاتجاهات نحو القضايا السياسية المثارة ".
واعتمدت هذه الدراسة على أسلوب تحليل المحتوى للتعرف على الكيفية التي قدمت بها الصحف والمجلات والتلفزيون الأخبار السياسية عن المترشحين والقضايا الانتخابية خلال فترة زمنية معينة.
وظل هذا الاتجاه المنهجي مسيطرا على بحوث وضع الأولويات حتى الوقت الحاضر، حيث يتم الربط بين الموضوعات التي تطرحها وسائل الإعلام، وبين إدراك الجمهور لتلك الموضوعات.
كما أشار "ماكومبس "و"دونالد شو" إلى الجانب الآخر للنظرية حيث تحدثا عن دور الجمهور في وضع أجندة وسائل الإعلام بقولهما أن لهذه الأخيرة دور رئيس في تحديد القضايا العامة اليومية، لكنها ليست المحددة لأولويات الجمهور، نظرا للتفاعل الحاصل بينها وبين مصادرها بالشكل الذي يؤثر في وضع أجندتها نفسها، والأهم تلك التفاعلات الكائنة مع جمهورها بحيث تأخذ في اعتبارها ما هو مقبول لديهم...
العوامل المؤثرة:
تتأثر عملية ترتيب أولويات الجمهور من طرف وسائل الاعلام بعدة عوامل ومتغيرات منها:
- الاتصال الشخصي له تأثير كبير في هذه العملية، فهو يمكن أن يدعم أو ينافس وسائل الاعلام في وضع أجندة الجمهور، ذلك أن العمليات الاجتماعية تؤثر أيضا على أحكام الجمهور حول أهمية قضية أو شخص ما. كما أن الاتصال الشخصي يعزز تأثير أجندة وسائل الاعلام حول القضايا التي يتم تغطيتها بتوسع، بينما يمكن أن ينافس أجندة وسائل الاعلام فيما يتعلق بالقضايا التي تم تغطيتها بدرجة أقل.
- لا يوجد اختلاف واضح في ترتيب الاجندة بين أعضاء الجمهور باختلاف الخصائص أو السمات الديموغرافية أو العامة مثل النوع ، التعليم، أو الحالة الاقتصادية.
- درجة التجانس التي يتسم بها المجتمع في هذه الخصائص، فحيث ترتفع درجة التجانس، يزداد الاتصال الشخصي، بحيث يصبح منافسا لوسائل الاعلام في وضع أجندة الجمهور ، أو مساندتها حسب أهمية الوقائع والأحداث في أجندة المجتمع المحلي المحدود أو الجماعات المتجانسة.
- طبيعة القضية ومدى اقترابها أو ابتعادها عن الخبرة المباشرة لهذه الجماعات أو المجتمعات. فكلما كانت القضية قريبة من الخبرة المباشرة للجمهور انخفضت قدرة وسائل الاعلام على ترتيب أجندة الجمهور في هذه القضايا، بينما في القضايا البعيدة عن الخبرة المباشرة تنجح وسائل الاعلام في التأثير على أجندة الجمهور .
- وفي مجال المقارنة بين وسائل الاعلام انتهت كثير من البحوث إلى أن  الصحافة تنجح أكثر من التلفزيون في التأثير على أجندة الجمهور ذلك أن التلفزيون يهتم بالقضايا العامة وليس الفرعية الاكثر تخصصا التي يمكن أن تهتم بها الصحف. وبالتالي فإنه بالرغم من زيادة التعرض الى التلفزيون إلا ان ذلك لم يؤد الى ظهور تأثيره في دعم وظيفة الأجندة ، وبالتالي فإن وظيفة ترتيب الأولويات لا ترتبط بمستوى التعرض بقدر ارتباطها بنوعية الوسيلة . لأن التلفزيون بجانب اهتمامه بالقضايا لا يتسم بالعمق والاهتمام بالتفاصيل كما في الصحف. وبالتالي فإن التلفزيون لا يقوم بوظيفة وضع الأجندة للجمهور بينها تقوم الصحف بذلك . 
نقد النظرية:
على الرغم من تعدد البحوث التي تمت لاختبار فروض النظرية والتوسع فيها خلال السبعينيات والثمانينات ، إلا أنها ما زالت تتعرض للعديد من صور النقد لبعض جوانبها: .
- ففي رأي " جريفين " أنه على الرغم من أن "ماكومبس " و"شو " اعتبرا أن وظيفة الأجندة حقيقة قائمة ، فإن البحوث التالية خلال العقدين السابقين أثبتت أنها نتيجة محتملة وليست مؤكدة، فتحديد أجندة الجمهور اختلف كثيرا من بحث إلى آخر.
ومن جانب يرى "ماكويل و وينداهل " أنه ليس واضحا ما اذا كانت التأثيرات ناتجة عن أجندة وسائل الاعلام أو عن الاتصال الشخصي ، بالإضافة  الى السؤال حول ما إذا كان من الممكن الاعتماد على نتائج تحليل المحتوى ليعطينا مؤشرا في ذاته لتأثير أجندة الاعلام .
 - التباين والاختلاف بين صور الترتيب ( الأجندات ) التي تشملها مثل أجندات الافراد أو الجماعات أو أجندات المؤسسات مثل الأحزاب أو الحكومات والتأثيرات التي تتم على عملية وضع الأجندة في كل حالة مثل تأثير الاتصال الشخصي .أو تأثير السياسيين وصانعي القرار، على الرغم من وحدة المصدر وهو وسائل الاعلام .
  - عدم تحديد مستوى النية أو العمد أو الهدف الخاص بوسائل الاعلام .
- وكذلك بالنسبة أيضا التساؤل حول الشك في نقطة البداية وما إذا كانت تبدأ بواسطة وسائل الاعلام أو بأعضاء الجمهور وحاجاتهم ، وربما بواسطة مؤسسات الصفوة التي تعمل كمصدر لوسائل الاعلام .
المراجع: 
_ حسن عماد مكاوي،ليلى السيد: الاتصال و نظرياته المعاصرة   الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 2006
محمد عبد الحميد: نظريات الإعلام واتجاهات التأثير، ط1، عالم الكتب، القاهرة، 1998  _ 

هناك 5 تعليقات:

  1. تحياتي
    هل لي في معرفة الإسم، لأنني سأستند إلى هذا الموضوع في بحث لدي، مع الشكر والتقدير

    ردحذف
  2. يمكنك اسناد المرجع كالاتي: أحلام باي:"نظرية ترتيب الأولويات"، مدونة نظريات الاعلام والاتصال، http://constantine3.blogspot.com، تاريخ الزيارة....
    أما اذا قصدت المراجع الاصلية للبحث فهي مدونة في اخر المحاضرة بالتوفيق

    ردحذف
  3. السلام عليكم اخي الفاضل هل لي بمعلومات لبحثي في الامن الاقتصادي لو تفضلتم علي

    ردحذف
  4. هل لي ببعض المراجع على العوامل المؤثرة

    ردحذف