الأحد، 8 ديسمبر 2013

نظرية الاعتماد على وسائل الاعلام Mass Media Dependency Theory

نظرية الاعتماد على وسائل الاعلام:
يعتبر الاعتماد على وسائل الإعلام ضرورة أساسية في المجتمعات الحديثة، حيث يستطيع الفرد إدراك هذا الاعتماد بالتدريج منذ الحاجة إلى معرفة أفضل المشتريات في الأسواق وانتقالاً إلى احتياجات أكثر شمولاً واكثر تعقيداً كالرغبة في الحصول على معلومات عن العالم الخارجي لكي يتفاعل معه..
ونظراً لاختلاف الأفراد في أهدافهم ومصالحهم فإنهم أيضاً يختلفوا في درجة الاعتماد على وسائل الإعلام ، وبالتالي يشكلون نظماً خاصة لوسائل الأعلام ترتبط بالأهداف والحاجات الفردية لكل منهم وطبيعة الاعتماد ودرجته على كل وسيلة من الوسائل في علاقتها بهذه الأهداف، ويترتب على اشتراك الأفراد في بعض الأهداف ودرجة الاعتماد على الوسائل التي تحقق هذه الأهداف ظهور نظم مشتركة لوسائل الإعلام بين الفئات أو الجماعات، وعلى سبيل المثال يجتمع الأفراد الذين يهتمون بالشئون المحلية بدرجة كبيرة في فئة لها نظامها الإعلامي الخاص عندما تري أن هذا الاهتمام يتحقق من خلال قراءة الصحف المحلية ، وغيرهم في فئات تبحث عن التسلية والاسترخاء من خلال برامج معينة في التليفزيون ... وهكذا يوحي هذا التقسيم فئات بوجود نظم متفاوتة لوسائل الإعلام بالنسبة للأفراد تحددها طبيعة الأهداف، ودرجة الاهتمام بها وطبيعة الاعتماد على وسائل معينة ودرجته في تحقيق هذه الأهداف.
فكرة نظرية الاعتماد:
مع تعقد الحياة في المجتمعات الحديثة، والتقدم المستمر في تكنولوجيا وسائل الإعلام ، تتزايد أهمية وسائل الإعلام في نقل المعلومات، ففي المجتمع الأمريكي على سبيل المثال، فإن وسائل الإعلام تقوم بمجموعة متنوعة من الوظائف منها تقديم معلومات عن الحكومة، والخدمة في حالة الطوارئ، كما تعتبر المصدر الأساسي لإدراك المواطن العادي للأحداث القومية والعالمية ، كما توفر أيضاً كماً هائلا من البرامج الترفيهية لمساعدة الجمهور على الاسترخاء والهروب من مشاكل الحياة اليومية().
ومن أجل الحصول على المعلومات تتفاعل وسائل الإعلام مع النظم الأخرى كالنظام الاقتصادي، السياسي، والديني حيث تنشأ علاقة متبادلة بين وسائل الإعلام وهذه الأنظمة()، ومن هنا وضع " ديفلير و ركتيش" نموذج لتوضيح العلاقة بين وسائل الإعلام والقوى الاجتماعية الأخرى، وهو ما عرف بنظرية الاعتماد().
ويمكن تلخيص الفكرة الأساسية لنظرية الاعتماد على النحو التالي " أن قدرة وسائل الاتصال على تحقيق قدر أكبر من التأثير المعرفي والعاطفي والسلوكي، سوف يزداد عندما تقوم هذه الوسائل بوظائف نقل المعلومات بشكل متميز مكثف، وهذا الاحتمال سوف تزيد قوته في حالة تواجد عدم استقرار بنائي في المجتمع بسبب الصراع والتغيير. بالإضافة إلى ذلك فإن فكرة تغيير سلوك ومعارف ووجدان الجمهور يمكن أن تصبح تأثيراً مرتداً لتغيير كل من المجتمع ووسائل الاتصال، وهذا هو معني العلاقة الثلاثية بين وسائل الاتصال والجمهور والمجتمع().
ويمكن النظر إلى نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام بأنها().
- نظرية ذات منشأ سوسيولوجي وظيفي.
- نظرية بيئية تنظر إلى المجتمع باعتباره تركيباً عضوياً ، فهي تبحث في كيفية ارتباط أجزاء من النظم الاجتماعية صغيرة وكبيرة ببعضها ، ثم تحاول تفسير سلوك الأجزاء فما يتعلق بتلك العلاقات.
- نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام نموذج طارئ Contingency من حيث كون أي تأثير محتمل من جراء ذلك الاعتماد يعتمد بشكل ما على الظروف المصاحبة لموقف محدد.
- النظرية جزء من نظرية الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية.
نشأة وتطور نظرية الاعتماد:
اهتم بعض الباحثين في العشرينات بدراسة تأثير وسائل الإعلام على المستوي المعرفي Cognitive Level، وأكد بعضهم أن اختلاف المستوي المعرفي للأفراد يرجع أساساً إلى التفاعل بين متغيرات مرتبطة بطبيعة وسائل الإعلام بالإضافة إلى سمات الجمهور وخصائصه المختلفة.() كما أوضح الكثير من الخبراء في الغرب العلاقة بين وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية ومؤسساتها في المجتمع على أساس من الاعتماد المتبادل().
ومن ثم كانت البدايات الأولى لنظرية الاعتماد على وسائل الأعلام على يد الباحثة ساندرا بول روكيتش وزملائها عام 1974 عندما قدموا ورقة بحثيه بعنوان " منظور المعلومات " وطالبوا فيها بضرورة الانتقال من مفهوم الاقناع لوسائل الإعلام إلى وجهة النظر التي ترى قوة وسائل الإعلام كنظام معلوماتي يستمد من اعتمادات الآخرين على المصادر النادرة للمعلومات التي تسيطر عليها وسائل الإعلام أي أن هناك علاقة اعتماد بين وسائل الإعلام والأنظمة الاجتماعية الأخرى.
من هذا المنطلق تركز نظرية الاعتماد على أن العلاقات بين وسائل الإعلام والجمهور والنظام الاجتماعي تتسم بخصائص اجتماعية من الاعتماد المتبادل الذي تفرضه سمات المجتمع الحديث ، حيث يعتمد أفراد الجمهور على وسائل الإعلام كنظام فرعي لإدراك وفهم نظام فرعي آخر هو المحيط الاجتماعي من حولهم، وبذلك تمثل وسائل الإعلام مصادر رئيسية يعتمد عليها أفراد الجمهور في استقاء المعلومات عن الأحداث الجارية، وتتزايد درجة الاعتماد بتعرض المجتمع لحالات من عدم الاستقرار والتحول والصراع الذي يدفع أفراد الجمهور لاستقاء المزيد من المعلومات من وسائل الإعلام لفهم الواقع الاجتماعي من حولهم.
وطور نموذج الاعتماد في صور متعددة منذ ظهوره أول مرة على النحو التالي:
أ ــ النموذج الأول لنظرية الاعتماد (1976):
قدم ميلفن ديفلير وساندرا بول روكيتش نموذج الاعتماد الأول عام 1976، حيث عرض النموذج العلاقة بين العناصر الثلاث لمكونات النظرية ( الإعلام ـ المجتمع ـ الجمهور ) بشكل متداخل  وتختلف هذه العلاقة من مجتمع إلى آخر ، وطبيعة وسائل الإعلام، وتنوع واختلاف حاجات الجمهور ، بالإضافة إلى التأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية التي يحدثها اعتماد أفراد الجمهور على وسائل الإعلام()
و يفسر النموذج طبيعة العلاقة المتبادلة بين وسائل الإعلام والنظام الاجتماعي والجمهور كالتالي:()
 - 1
وسائل الإعلام :
تختلف وسائل الإعلام من مجتمع إلى آخر من حيث درجة تطورها، وكلما كانت وسائل الإعلام لديها القدرة على إشباع احتياجات الجمهور ، وكانت أكثر مركزية وتنوع وأهمية للمجتمع ، يزداد اعتماد المجتمع عليها .
- 2
النظام الاجتماعي :
    
تختلف طبيعة كل مجتمع عن الآخر ، من حيث درجة الاستقرار أو القدرة على مواجهة الأزمات الطارئة ، أو تبعاً لحالة انهياره نتيجة الأزمات الاقتصادية أو ثورات أو حروب فكلما زادت حالة عدم الاستقرار في المجتمع ، زادت حاجة الأفراد إلى المعلومات وبالتالي الاعتماد على وسائل الإعلام ، أي الجمهور ويصبح أكثر اعتماداً على وسائل الإعلام الموجودة في المجتمع في فترات التغيير وعدم الاستقرار.
وبالتالي فإن الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية يتعدد بتعدد هذه النظم كالأسرة والدين والمؤسسة التعليمية والاقتصادية والعسكرية، وأهمها النظم السياسية للإعلام في الجوانب التالية:().
- غرس وتدعيم القيم السياسية والمعايير المتنوعة ( حرية، فاعلية، تصويت، ...
-  حفظ النظام والطاعة للدولة.
- تعبئة المواطنين وتدعيم الشعور بالمواطنة.
- التحكم والفوز بالصراع داخل الدولة كصراع الأنظمة ومعاركها وانتصار الحقوق التشريعية والتنفيذية .
أما علاقة النظام الإعلامي بالسياسة فتنشأ لأن الأهداف الإعلامية تنال مكاسب عدة من مصادر النظام السياسي مثل :
- حماية للسلطة القضائية وتسهيل نيل الحقوق الإعلامية.
- حماية السلطة التشريعية.
- الحصول على الشرعية.
- 3
الجمهور:
يختلف الجمهور في درجه الاعتماد على وسائل الإعلام ، فمثلا جمهور الصفوة يتمتع بمصادر معلومات متنوعة بصورة أكثر من الجمهور العام الذي يعتمد على وسائل الإعلام باعتبارها أحد مصادره الأساسية.
ويختلف الجمهور في درجة اعتماده على وسائل الإعلام نتيجة الاختلاف في الأهداف والمصالح والحاجات الفردية.()
فالأفراد يعتمدون على وسائل الإعلام باعتبارها مصدراً من مصادر تحقيق أهدافهم ، فالفرد يهدف إلى تأييد حقه في المعرفة لاتخاذ القرارات الشخصية والاجتماعية المختلفة ، ويحتاج إلى التسلية والترفيه كهدف أيضاً في نفس الوقت إلا أن الأفراد لا يستطيعون ضبط أو تحديد نوع الرسائل التي تبثها وسائل الإعلام أكثر مما هي عليه ، ولكنهم يستطيعون تحديد ما لا ينشر من رسائل ، لأن وسائل الإعلام تحدد ما ينشر أو لا ينشر بناء على العلاقة الدائرية مع أفراد المتلقين مثلها مثل النظم الاجتماعية ، ويظهر بالتالي تأثير الخصائص والسمات الفردية والاجتماعية على تطوير هذه العلاقة الدائرية مع وسائل الإعلام().
ويعتمد الأفراد على وسائل الإعلام لتحقيق الأهداف التالية:-()
1
ـ     الفهم: مثل معرفة الذات من خلال التعلم والحصول على الخبرات ، الفهم الاجتماعي من خلال معرفة أشياء عن العالم أو الجماعة المحلية وتفسيرها.
2
ـ    التوجيه : ويشتمل على توجيه العمل مثل : أن تقرر ماذا تشتري؟ وكيف ترتدي ثيابك ؟ وكيف تحتفظ برشاقتك؟ وتوجيه تفاعلي مثل: الحصول عل دلالات عن كيفية التعامل مع مواقف جديدة أو صعبة.
3
ـ    التسلية: وتشتمل على التسلية المنعزلة مثل: الراحة والاسترخاء والاستثارة والتسلية الاجتماعية مثل : الذهاب إلى السينما أو الاستماع إلى الموسيقي مع الأصدقاء ، أو مشاهدة التليفزيون مع الأسرة.
ومع ذلك ، فإنه ينبغي ألا نبالغ في أهمية وسائل الإعلام الجماهيري، فهي تجعل بالفعل تحقيق الفهم والتوجيه وأهداف التسلية أكثر سهولة، ولكنها ليست الوسيلة الوحيدة لبلوغ هذه الأهداف ، فالأفراد يتصلون في نهاية الأمر بشبكات داخلية من الأصدقاء والأسرة ، وكذلك بنظم تربوية ودينية وسياسية وغيرها  ، تساعد الناس أيضاً على بلوغ أهدافهم، ونظرية الاعتماد على وسائل الإعلام لا تشارك فكرة المجتمع الجماهيري في أن وسائل الإعلام قوية لأن الأفراد منعزلون بدون روابط جماعية ، والأصح أنها تتصور أن قوة وسائل الأعلام تكمن في السيطرة على مصادر معلومات معينة تلزم الأفراد لبلوغ أهدافهم الشخصية، وذلك علاوة على أنه كلما زاد المجتمع تعقيداً ، زاد اتساع مجال الأهداف الشخصية التي تتطلب الوصول إلى مصادر معلومات وسائل الإعلام().
فالفرد في حاجة إلى فهم وإدراك الذات بما يساعده في الكشف عن قدراته ودعمها وتفسير معتقداته وسلوكه وإدراكه لجوانب الشخصية بشكل عام، وكذلك الحاجة إلى فهم العالم الاجتماعي المحيط بالفرد ، والمعاني التي تقوم بتشكيلها وسائل الإعلام عن هذا العالم واستخدام هذه المعاني في إدراك الحقائق وتشكيل التوقعات.
ولذلك قام الباحثان ميلفن وروكيتش بتطوير هذا النموذج عام 1982، ليوضح كيفية اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام من أجل تحقيق أهداف الأفراد الخاصة بالفهم والتوجيه والتسلية، وعرف باسم النموذج المتكامل لنظرية الاعتماد()().
ب- النموذج المتكامل لنظرية الاعتماد (1982:
يوضح النموذج المتكامل لنظرية الاعتماد التداخل الكبير بين العناصر الرئيسية للعملية الاتصالية (وسائل الإعلام ـ المجتمع ـ الجمهور ) ويقدم مجموعة معقدة من المتغيرات التي تؤدي إلى تأثير وسائل الإعلام التي تظهر نتيجة الاعتماد المتبادل بين وسائل الجمهور والنظم الاجتماعية الأخرى().
ويمكن تلخيص العلاقات التي يرمز لها النموذج على النحو التالي ():
أولاً:    ينشأ تدفق الأحداث من المجتمع الذي يضم مجموعة من النظم الاجتماعية التي يحكمها الوظيفة البنائية، وتحدث علاقات اعتماد متبادلة بين هذه النظم الاجتماعية ووسائل الإعلام ، ويتميز كل مجتمع بثقافة خاصة تعبر عن القيم والتقاليد والعادات وأنماط السلوك التي يتم نقلها عبر رموز لفظية وغير لفظية تحدث العمليات الدينامية لنشر الثقافة ، وتشتمل هذه الفعاليات على قوى تدعو إلى ثبات المجتمع والحفاظ على استقراره من خلال الإجماع والسيطرة ، والتكيف الاجتماعي ، وتوجد أيضاً في المجتمع قوي أخرى تدعو للصراع والتغيير ، وتتم هذه العمليات على مستوي البناء الكلي للمجتمع ، أو بين الجماعات ، أو المراكز الاجتماعية المرتبة بشكل تصاعدي ، ويتضمن هذا البناء عناصر رسمية وغير رسمية.
ثانيا:     تؤثر عناصر الثقافة والبناء الاجتماعي للمجتمع على وسائل الإعلام إيجاباً وسلباً ، وهي التي تحدد خصائص وسائل الإعلام التي تتضمن: الأهداف والموارد، والتنظيم، والبناء ، والعلاقات المتبادلة وتتحكم هذه الخصائص في وظائف تسليم المعلومات التي يتحكم فيها عدد الوسائل الإعلامية المتاحة، ودرجة مركزيتها، ويؤثر ذلك بالتالي على الأنشطة التي تمارسها وسائل الإعلام أو ما يطلق عليها تحديد السياسات.
كذلك تؤثر عناصر الثقافة وبناء المجتمع على الأفراد ، ويساهم ذلك في تشكيل الفروق الفردية والفئات الاجتماعية ، والعلاقات الاجتماعية ، ويعمل النظام الاجتماعي أيضاً على خلق حاجات للأفراد مثل الفهم والتوجيه والتسلية.
ويحدد الاعتماد المتبادل بين النظم الاجتماعية ونظم وسائل الإعلام كيفية تطوير الناس اعتمادهم على وسائل الإعلام لإشباع حاجتهم النفسية والاجتماعية ، مما يخلق التنوع في تأثيرات وسائل الإعلام على الأفراد.
ثالثا:     تقوم وسائل الإعلام بتغطية الأحداث التي تقع داخل النظم الاجتماعية المختلفة، ومن الأشخاص داخل هذه النظم ، وتنتقي وسائل الإعلام التركيز على بعض القضايا والموضوعات التي تشكل رسائل وسائل الإعلام المتاحة للجماهير.
رابعاً:    العنصر الرئيسي في هذا الإطار المتكامل هو الأفراد كأعضاء في الجمهور المتلقي لوسائل الإعلام ، هؤلاء الأفراد لديهم بناء متكامل للواقع الاجتماعي تم تشكيله عبر التنشئة الاجتماعية والتعليم والانتماء إلى جماعات ديموغرافية ، وعوامل التكيف الاجتماعي ، والخبرة المباشرة ، ويستخدم هؤلاء الأفراد وسائل الإعلام لاستكمال بناء الواقع الاجتماعي الذي لا يدركونه بالخبرة المباشرة ، وتتحكم علاقات الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام والنظم الاجتماعية الأخرى في تشكيل رسائل المعلومات للجماهير.
خامساً:    حين يكون الواقع الاجتماعي محدداً ومفهوماً للأفراد، ويلبي حاجاتهم وتطلعاتهم قبل وأثناء استقبال الرسائل الإعلامية ، لن يكون لرسائل الإعلام تأثير يذكر سوي تدعيم المعتقدات والقيم وأنماط السلوك الموجودة بالفعل.
وعلى النقيض ، حين لا يكون لدي الأفراد واقع اجتماعي حقيقي يسمح بالفهم والتوجيه والسلوك ، فإنهم يعتمدون على وسائل الإعلام بقدر أكبر لفهم الواقع الاجتماعي ، وبالتالي يكون لهذه الوسائل تأثير أكبر على المعرفة والاتجاهات والسلوك، لذلك يجب الأخذ في الاعتبار درجة اعتماد الأفراد على وسائل الأعلام للحصول على المعلومات كوسيلة للتنبؤ بآثار هذه الوسائل على الأفراد.
سادساً:    تتدفق المعلومات من وسائل الإعلام لكي تؤثر في الأفراد ، وفي بعض الحالات تتدفق المعلومات أيضاً من الأفراد لكي تؤثر في وسائل الإعلام ، وفي المجتمع ككل، ويتخذ ذلك بعض الأشكال … مثل الاعتراض الجماهيري الذي يزيد من مستوى الصراع في المجتمع، أو يؤدي إلى تكوين جماعات اجتماعية جديدة. مثل هذه الأحداث قد تؤدي إلى تغييرات في طبيعة العلاقات بين النظم الاجتماعية ، ونظم وسائل الإعلام، مثل تمرير قوانين جديدة يتم تصميمها لتغير سياسات تشغيل وسائل الإعلام.
لذلك فإن علاقات الاعتماد المتبادل بين وسائل الإعلام وأجزاء أخرى من الكيان الاجتماعي ، يجب أن تمر بتغيير من أجل أن تبقي المجتمعات في بيئات متغيرة ، ويكون مثل هذا التغيير المتكيف بطيئاً في العادة ، وغالباً ما يكون غير مخطط ومن ثم فإنه من الصعب إدراكه في الوقت الذي يقع فيه().
واهتم الباحثان ميلفن وروكيتش بتوضيح كيف تساعد علاقات الاعتماد في تفسير آثار التعرض لرسائل وسائل الإعلام الخاصة بمعتقدات وسلوك الفرد، وهو اهتمام مركزي بالنسبة لأولئك الذين يستخدمون نهجاً إدراكياً لتفسير تأثيرات وسائل الاتصال الجماهيرية على جمهورها، فالأشخاص الذين اعتمدوا على التليفزيون لتحقيق تفاهم اجتماعي على سبيل المثال عليهم أن يختاروا أنواع مختلفة من البرامج التليفزيونية ، وذلك بخلاف أشخاص يعتمدون أساساً على التليفزيون من أجل التسلية ، وبالتالي فإن التأثير يختلف باختلاف الهدف ، وفي دراسة لبـول روكيتش وزملاؤها لمعرفة آثار التعرض لبرنامج تليفزيوني يستهدف التأثير على معتقدات سياسة وسلوكية ، قدمت الباحثة أدلة تؤيد هذه الطريقة من التفكير عن التعرض الانتقائي ، وأثار وسائل الإعلام ، حيث وجدوا أن الأشخاص يختارون بالفعل تعريض أنفسهم على أساس علاقات اعتمادهم الراسخ على التليفزيون ، وأن المشاهدين الذين لديهم أنواعاً معينة من علاقات الاعتماد  كانوا يتأثرون بشكل مختلف عن أولئك الذين ليست لديهم هذه الأنواع().
ومن هنا طور الباحثان ميلفن وروكيتش نظرية الاعتماد، لتوضيح الآلية التي تعمل بها نظرية الاعتماد، حيث قدم نموذجاً جديداً عام 1989، لتفسير العلاقة بين نظم وسائل الإعلام العام ، والنظام الاجتماعي ، الذي ينبع من نموذج الإدراك العقلي الذي يفترض وجود ربط منطقي بين مضمون الوسيلة ودوافع الانتباه ، وعرف باسم النموذج الإدراكي لنظرية الاعتماد().
جـ ــ النموذج الإدراكي لنظرية الاعتماد (1989)
يبدأ هذا النموذج بفرد يتفحص وسائل الإعلام بدقة ، ليقرر بفعالية ما يرغب في الاستماع إليه، أو مشاهدته، أو قراءته، أو بشخص يتصل بشكل عرضي بمحتويات وسيلة إعلامية().
ويفسر النموذج الخطوات التالية :()
الخطوة الأولي:
إن الجمهور القائم بالاختيار النشيط الذي يستخدم وسائل الإعلام ، سيقوم بالتعرض إلى مضمون الوسائل من خلال توقع مسبق بأنه سوف يساعدهم في تحقيق هدف أو أكثر من الفهم ، أن التوجيه ، أو التسلية بناء على :
- تجربتهم السابقة.
- محادثتهم مع آخرين (أصدقاء أو زملاء عمل).
- إشارات يحصلون عليها من وسائل الإعلام (إعلانات أو مجلات أدبية).
أما الأفراد الذين يتعرضون مصادفة أو بطريقة غير مقصودة لمحتويات وسائل الإعلام مثل (دخول سوبر ماركت به تليفزيون مفتوح) فقد تستثار لدي هؤلاء الأفراد علاقة الاعتماد وتحفزهم على الاستمرار في التعرض، أو ينهون تعرضهم للوسائل.
الخطوة الثانية:
كلما زادت شدة الحاجة أو قوة الاعتماد زادت الاستثارة المعرفية والوجدانية، وتتمثل هذه الاستثارة في جذب الانتباه إلى مضمون الرسالة أو الإعجاب أو عدم الإعجاب مثلاً، وتختلف قوة الاعتماد على الوسائل وفقاً لاختلاف:
- الأهداف الشخصية.
- المستويات الاجتماعية للأفراد.
- توقعات الأفراد فيما يتعلق بالفائدة المحتملة من محتويات وسائل الإعلام.
- مدى سهولة الوصول إلى المضمون.
والمتغيرات في أهداف الأفراد كثيراً ما تعكس متغيرات في بيئاتهم ، وعندما تكون هذه البيئات حافلة بالغموض أو التهديد مثلاً، فإن اعتماد الأفراد على نظام وسائل الإعلام يجب أن تكون قوية تماماً ، إذ أن الوصول إلى مصادر معلومات وسائل الإعلام غالباً ما يكون ضرورياً لحل غموضها، وتقليل تهديدها الحقيقي أو المحتمل، وهناك مثال آخر عن : كيف تؤثر المتغيرات في البيئات الشخصية والاجتماعية للأشخاص على قوة اهتمامات التبعية بمشكلات صحية خطيرة ، فالأشخاص الذين يكونون ، هم أنفسهم أو أحباؤهم مصابين بمرض خطير، كثيراً ما ينشئون علاقات اعتماد قوية بوسائل الإعلام ، من أجل التمكن من الوصول إلى معلومات مناسبة قد تسهم في عثورهم على أفضل خدمات طبية ومساعدة.
وأثناء اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام يحدث نوعين من التأثير هما:-
- الإثارة العاطفية: يقصد بها ميل الأفراد وحبهم للوسيلة والمضمون المقدم.
- الإثارة الادراكية: ويقصد بها تعرض الأفراد للوسيلة الإعلامية مع ما يتفق باهتماماته وحاجاته وأهدافه.
ففي الدراسة التي أجرتها ساندرا بول روكيتش وزملائها ، ذكر المشاهدون الأكثر اعتماداً على التليفزيون أنهم كانوا منتبهين للغاية في مشاهدة البرنامج التليفزيوني ، وأحبوا البرنامج، وعندما يكون اعتماد الأشخاص على برنامج تليفزيوني ـ مثلا ـ منخفضاً أو منعدماً ، فإننا سوف نتوقع أن نجدهم يتحدثون أو يفعلون أشياء أخرى في أثناء تشغيل جهاز التليفزيون، وبالتالي لا يحتمل أن يكون شعورهم قوياً تجاه البرنامج أو سالباً.
الخطوة الثالثة:
وفيها تزداد درجة المشاركة النشطة في مدى استيعاب المعلومات وفقاً لوجود تأثيرات معرفية وعاطفية سابقة، فالأشخاص الذين أثيروا إدراكياً وعاطفياً سوف يشتركون في نوع التنسيق الدقيق للمعلومات بعد التعرض ، مثل : الإقلاع عن التدخين، أو بدء التدريبات الرياضية  أو إجراء فحوص طبية.
الخطوة الرابعة:
    
كلما زادت درجة المشاركة في تنسيق المعلومات ، زاد الاحتمال في حدوث التأثيرات المعرفية أو العاطفية أو السلوكية نتيجة الاعتماد على وسائل الإعلام في الحصول على المعلومات ، فالأفراد الذين يشتركون بشكل مكثف في تنسيق المعلومات أكثر احتمالاً للتأثر بتعرضهم لمحتويات وسائل الإعلام.
الفروض الرئيسية لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام
    
يتمثل الفرض الرئيسي لنظرية الاعتماد في قيام الفرد بالاعتماد على وسائل الإعلام لإشباع احتياجاته من خلال استخدام الوسيلة ، وكلما لعبت الوسيلة دوراً هاماً في حياة الأشخاص زاد تأثيرها وأصبح دورها أكثر أهمية ومركزية وبذلك تنشأ العلاقة بين شدة الاعتماد ودرجة تأثير الوسيلة لدي الأشخاص ، وكلما ازدادت المجتمعات تعقيداً ازداد اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام().
    
كما تقوم على عدة فروض فرعية أخرى هي:()
- تؤثر درجة استقرار النظام الاجتماعي على زيادة الاعتماد أو قلته على مصادر معلومات وسائل الإعلام ، وكلما زادت درجة عدم الاستقرار في المجتمع كلما زاد الاعتماد لدى الأفراد على وسائل الأعلام.
- تزداد درجة الاعتماد على وسائل الإعلام في حالة قلة القنوات البديلة للمعلومات أما في حالة وجود مصادر معلومات بديلة تقدمها شبكات خاصة أو رسمية أو مصادر إعلامية خارج المجتمع سيقل اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام.
يختلف الجمهور في درجة اعتماده على وسائل الإعلام نتيجة لوجود اختلاف في الأهداف الشخصية والمصالح والحاجات الفردية.
الآثار المترتبة على اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام:
    
يري بعض الباحثين أن التساؤل الأساسي لنظرية الاعتماد هو تفسير متى؟ ولماذا يعرض الأفراد أنفسهم لوسائل ؟ وتأثيرات هذا التعرض على معتقداتهم وسلوكهم، وإجابة ذلك يعد تفسيراً للطرق التي يستخدم بها الجمهور وسائل الإعلام لتحقيق أهدافهم الشخصية، حيث ينتج عن اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام مجموعة من التأثيرات يمكن تصنيفها على النحو التالي:
أولاً: التأثيرات المعرفية: وتتضمن عدة أثار هي:
1-
الغموض:
ويحدث الغموض نتيجة لتناقض المعلومات التي يتعرض لها الأفراد ، أو نقص المعلومات أو عدم كفايتها لفهم معاني الأحداث أو تحديد التفسيرات الممكنة والصحيحة لهذه الأحداث، فالغموض يمكن أن يحدث لأن الناس يفتقرون إلى معلومات كافية لفهم معنى حدث، أو يفتقرون إلى المعلومات التي تحدد التفسير الصحيح من بين تفسيرات عديدة تقدمها وسائل الإعلام ، وتشير البحوث السابقة إلى أن نسبة الغموض تزداد حين تقع أحداث غير متوقعة مثل : كارثة طبيعة أو اغتيال زعيم سياسي، وحين تقدم وسائل الإعلام معلومات غير متكاملة أو معلومات متضاربة بشأن هذه الأحداث، في هذه الحالة يتولد الإحساس بالغموض لدى أعضاء الجمهور، وفي حالات عديدة تكون وسائل الإعلام هي المصدر الوحيد المتاح للحصول على المعلومات، ويحدث الغموض حين تكون هذه المعلومات غير مكتملة أو يكتنفها الغموض أو التضارب.
2-
تشكيل الاتجاه:
تلعب وسائل الإعلام دوراً هاماً في تشكيل اتجاهات الأفراد نحو القضايا الجدلية المثارة في المجتمع مثل مشكلات البيئة، وأزمات الطاقة، والفساد السياسي، وتنظيم الأسرة ، وتتشكل الاتجاهات الجديدة كلما اكتسب الأفراد المعلومات العامة من خلال وسائل الإعلام.
3-
ترتيب الأولويات:
تقوم وسائل الأعلام بترتيب أولويات الجمهور تجاه القضايا البارزة دون غيرها ويقوم الجمهور بتصنيف اهتماماته نحو هذه القضايا ويركز على المعلومات التي يمكن توظيفها وفقاً لاختلافاته الفردية.
4-
اتساع المعتقدات:
تساهم وسائل الإعلام في توسيع المعتقدات التي يدركها أفراد الجمهور ، لأنهم يتعلمون عن أناس وأماكن وأشياء عديدة من وسائل الإعلام، ويتم تنظيم هذه المعتقدات في فئات تنتمي إلى: الأسرة أو الدين أو السياسة بما يعكس الاهتمامات الرئيسية للأنشطة الاجتماعية.
5-
القيم :
    
القيم هي مجموعة المعتقدات التي يشترك فيها أفراد جماعة ما ويرغبون في ترويجها والحفاظ عليها مثل : الأمانة ـ الحرية ـ المساواة ـ التسامح ، وتقوم وسائل الإعلام بدور كبير في توضيح أهمية القيم.
ثانياً : التأثيرات العاطفية ( الوجدانية ):
ويقصد بالتأثيرات العاطفية المشاعر والعواطف التي يكونها الإنسان تجاه ما يحيط به، ويظهر هذا التأثير عندما تقدم معلومات معينة من خلال وسائل الإعلام، تؤثر على مشاعر الأفراد واستجاباتهم بالتالي في الاتجاه الذي تستهدفه الرسائل الإعلامية، ومن أمثلة هذه التأثيرات:
- 1
الفتور العاطفي:
ويرى الباحثون أن التعرض المكثف إلى موضوعات العنف في وسائل الإعلام يؤدي إلى الفتور العاطفي وعدم الرغبة في تقديم المساعدة للآخرين في أوقات العنف الحقيقي الذي يتصرف الفرد تجاهه كما لو كان عنفاً تلفزيونياً ، وتشير بعض الدراسات إلى أن الاستثارة الناتجة عن مشاهدة أعمال العنف في وسائل الإعلام، تتناقص تدريجياً بمرور الوقت وتؤدي في النهاية إلى الفتور العاطفي.
كما يقرر كثير من الباحثين بأن التليفزيون يساعد على انصراف عن الفرد تذكر الأحداث السلبية ، ويقصد بها تلك الأحداث التي يعتبرها مسئولة مثلاً عن فشله أو تشير إلى ظلم الناس لغيرهم، لأن تذكر هذه الأحداث تسبب له حالات مزاجية غير سارة().
2-
الخوف والقلق:
إن التعرض المستمر للرسائل أو الدراما التليفزيونية لأعمال العنف والكوارث يؤدي إلى إثارة الخوف والقلق لدى الافراد من الوقوع ضحايا لأعمال العنف في الواقع.
ويري الباحثون أن اعتماد الأفراد على وسائل الإعلام قدي يؤدي إلى إثارة الخوف والتوتر بسبب ما تقدمه هذه الوسائل من أخبار عن انتشار وباء أو مرض معدي مثل مرض سارس، إلا أنه قد يؤدي أيضاً إلى تقليل مشاعر الخوف والتوتر من انتشار هذا المرض في المنطقة الموجود بها من خلال المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام عن كيفية الوقاية من هذا المرض والقضاء عليه مستقبلاً.
- 3
الدعم المعنوي والاغتراب:
تؤثر وسائل الإعلام على معنويات الأفراد بالسلب أو الإيجاب، فقد أكد " كلاب" أن المجتمعات التي تقوم وسائل الإعلام فيها بأدوار اتصال رئيسية، ترفع الروح المعنوية لدي الأفراد نتيجة زيادة الشعور الجمعي والتوحيد والاندماج ، وخاصة إذا كانت وسائل الإعلام تعكس الفئات الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد، ويلاحظ أن اغتراب الفرد يزداد حين لا يجد معلومات وسائل الإعلام معبرة عن نفسه وثقافته وانتماءاته العرقية والدينية والسياسية.
ثالثاً: التأثيرات السلوكية :
تحدث التأثيرات في السلوك نتيجة لحدوث التأثيرات المعرفية والعاطفية، ومن أهم التأثيرات السلوكية :
(1)
التنشيط:
يعني قيام الفرد بعمل ما نتيجة التعرض للوسيلة الإعلامية، وهو الناتج الأخير للتأثيرات المعرفية والعاطفية مثل اتخاذ مواقف سلوكية مؤيدة أو معارضة نتيجة التعرض المكثف لوسائل الإعلام ، وقد يتمثل التنشيط في اتخاذ مواقف مؤيدة للإقلاع عن التدخين أو التبرع المادي أو المعنوي لفئات معينة والتنشيط يكون مفيداً اجتماعياً في هذه الحالة، ولكن التنشيط الناتج عن التعرض لسوائل الإعلام قد يكون ضاراً اجتماعياً مثل التورط في أعمال ضد المجتمع مثل العنف والجرائم والاضطرابات.
(2)
الخمول :
يعني عدم النشاط وتجنب القيام بالفعل، مما يؤدي إلى اللامبالاة والسلبية والامتناع عن المشاركة في المجتمع ، ويحدث ذلك نتيجة التعرض لرسائل الإعلام المبالغ فيها، تدفع الفرد إلى عدم المشاركة نتيجة الملل مثل عدم القيام بالتصويت في الانتخابات.
علاقة نظرية الاعتماد وتأثيرها على بعض النظريات:
ترتبط نظرية الاعتماد ببعض نظريات الاتصال وهي:
- 1
نظرية ترتيب الأولويات:
تقوم نظرية الأولويات على ترتيب الأولويات الشخصية للأفراد تجاه بعض الموضوعات، وتساعد نظرية الاعتماد على تفسير هذه الأولويات، فالأفراد يعتمدون على وسائل الإعلام في اختيارهم للموضوعات التي تقدمها وسائل الإعلام ، بشكل يتوافق إلى حد كبير مع خصائصهم الشخصية ، والمشكلات التي يعانون منها بالإضافة إلى احتياجاتهم.
2
- نظرية فجوة المعرفة :
تفترض نظرية فجوة المعرفة أن الجمهور ذوي المستوي الاجتماعي الاقتصادي المرتفع يميل إلى اكتساب المعلومات بمعدل أسرع من الجمهور الأقل في المستوي الاجتماعي الاقتصادي ومن هنا تنشأ الفجوة المعرفية في المعلومات.
وتساهم نظرية الاعتماد هنا في فهم هذه النظرية ، فالأفراد الأكثر اعتماداً على وسائل الإعلام يحصلون على معلومات أكثر من غيرهم تنشأ الفجوة المعرفية ، وتقل الفجوة المعرفية تجاه بعض القضايا التي يتساوى فيها اعتماد الجمهور على وسائل الإعلام().
- 3
مدخل الاستخدامات والاشباعات:
يفترض مدخل الاستخدامات والاشباعات أن الأفراد بحاجة إلى إشباع احتياجاتهم من وسائل الإعلام ، كما يقوم الأفراد باستخدام المعلومات التي تنقلها وسائل الإعلام ،و تختلف أهميتها وفقاً لاحتياجاتهم().
وعلى الرغم من أن مدخل الاستخدامات والإشباعات ونظرية الاعتماد يركز كل منهما على العلاقة بين الأفراد ووسائل الإعلام ، فكل منهما يركز على التساؤل الخاص: ماذا يفعل الناس بوسائل الإعلام؟().
والاستخدام لوسيلة إعلامية يعني معدل القراءة أو المشاهدة أو الاستماع لها ، أما الاعتماد فيعني درجة الاهتمام لهذه الوسيلة باعتبارها مصدراً هاماً للمعلومات ، ورغم وجود بعض التشابه بين مدخل الاستخدامات والاشباعات ونظرية الاعتماد إلا إنه توجد بعض الاختلافات بينهما هي كالتالي: ()
- يركز مدخل الاستخدامات والاشباعات على تحديد الاحتياجات المختلفة والاشباعات الناتجة عن استخدام الأفراد لوسائل الإعلام ، بينما تركز نظرية الاعتماد على العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام والمجتمع. ()
- يهتم مدخل الاستخدامات والاشباعات بالإجابة على السؤال الأساسي وهو : أين يذهب الأفراد لإشباع احتياجاتهم ؟ في حين تركز نظرية الاعتماد على الإجابة على سؤال : لماذا يلجأ الأفراد إلى وسيلة معينة لإشباع احتياجاتهم؟
- يركز مدخل الاستخدامات الاشباعات على المستوي الفردي فقط ، في حين تستخدم نظرية الاعتماد لقياس العلاقات الاعتمادية لكل المستويات الفردية والاجتماعية.
- يقدم مدخل الاستخدامات والاشباعات تصميماً معقداً من الناحية الإجرائية لقياس متغير استخدام الوسيلة، بينما تقدم نظرية الاعتماد تصميماً سهلاً من الناحية الإجرائية لقياس متغير الاعتماد على وسائل الإعلام.
- يؤكد مدخل الاستخدامات والإشباعات على أهمية فكرة الجمهور القوي والتي تؤكد ضرورة اختبارات الجمهور بينما تركز نظرية الاعتماد على قوة وسائل الإعلام التي يعتمد عليها الأفراد ، ويزداد الاعتماد أثناء الأزمات.
الانتقادات الموجهة لنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام:
    
تعرضت نظرية الاعتماد لمجموعة الانتقادات يمكن تلخيصها على النحو التالي :
- تبالغ النظرية في تصوير حجم الاعتماد الفعلي للعناصر المختلفة وخاصة المتعلقة بوسائل الإعلام ، واستقلالها عن النظام الاجتماعي ، فوسائل الإعلام غالباً ما تكون محايدة ، حيث أنها مصدر غير سياسي ، تستطيع أن تجده عند الضرورة ، ويجب أن ترتبط وسائل الإعلام بشكل أساسي بالمؤسسات الأكثر هيمنة وسيطرة في المجتمع.().
-على الرغم من أن الاعتماد الشديد على وسائل الإعلام قد يزيد من التأثيرات الإداركية والسلوكية على الفرد، فإنه للأسف ليست كل تأثيرات وسائل الإعلام الجماهيرية هي تأثيرات لمحتويات وسائل أو أنها تؤثر على الأفراد ، حيث أن الأفراد يتأثرون بالأصدقاء والمعارف وغيرهم().
- رغم أنه كان يقصد بمدخل الاعتماد أساساً الاعتماد على مستوي النظام الاجتماعي ككل، لكن معظم الدراسات الإعلامية تعاملت مع مدخل الاعتماد على المستوي الفردي فقط، بمعني أنها ركزت على الآثار الناجمة عن اعتماد الأفراد على الوسائل المختلفة ، مع هذا لا تزال روكيتش تري أن المستقبل سيكون للتركيز على أهداف الجماعات من الاعتماد().
- معظم الباحثين عرفوا الاعتماد إجرائياً بالتعرض، رغم انه ليس كل من يتعرض لوسيلة يعتمد عليها() ، فعلى سبيل المثال قد يتعرض الفرد لفترة طويلة في مشاهدة التليفزيون في حين يعتمد على وسيلة أخرى مثل الصحف في اكتسابه للمعلومات السياسية، أو في موضوع ما.
المميزات الخاصة بنظرية الاعتماد على وسائل الإعلام:
تتمتع نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام بمجموعة من المزايا أهمها():
- تعتبر نظرية الاعتماد نموذج مفتوح لمجموعة من التأثيرات المحتملة ، وتجنب النموذج عدم وجود تأثيرات لوسائل الإعلام ، ووجود تأثير غير محدود، لذلك يطلق عليها نظرية شاملة، حيث تقدم نظرية كلية للعلاقة بين الاتصال والرأي العام ، وتتجنب الأسئلة البسيطة عما إذا كانت وسائل الاتصال لها تأثير كبير على المجتمع().
- تهتم نظرية الاعتماد بالظروف التاريخية والبناء الاجتماعي أكثر من المتغيرات الشخصية والفردية، لذلك فهي أكثر ملاءمة في التعامل مع النظام الاجتماعي بصورة أكبر من النماذج الأخرى المرتبطة بوسائل الإعلام.
- تؤكد نظرية الاعتماد على أن تأثير وسائل الإعلام على الجمهور ، يؤدي إلى التأثير على النظام الاجتماعي وعلى نظام وسائل الإعلام نفسها ، وبالتالي فإن أداء وسائل الإعلام ، قد يؤدي إلى المطالبة بالتغيير أو إصلاح نظام وسائل الإعلام ، سواء من خلال النظام السياسي أو من خلال آلية السوق الحر أو من خلال ظهور وسائل إعلام بديلة.

 ، المرجع: د / وجدي حلمي عيد عبد الظاهر جامعة ام القرى:   https://uqu.edu.sa/page/ar/181765    2013

هناك تعليق واحد:

  1. لو تكرمت ممكن اعرف المرجع الاصلي لكي أوثقه في موضوع رسالتي

    ردحذف